مسألة:
عند الإمامية إذا انقلبت الخمر خلا بنفسها أو بفعل آدمي إذا طرح فيها ما تنقلب به إلى الخل حلت. وخالف الشافعي ومالك في ذلك وأبو حنيفة لا يخالف الإمامية فيما حكيناه، إلا أنه يزيد عليهم فيقول في من ألقى خمرا في خل فغلب عليها حتى لا يوجد طعم الخمر أنه بذلك يحل، وعند الإمامية أن ذلك، لا يجوز، ومتى لم ينقلب الخمر إلى الخل لم يحل فكأنهم انفردوا من أبي حنيفة بأنهم امتنعوا مما أجازه على بعض الوجوه وإن وافقوه على انقلاب الخمر إلى الخل فجاز لذلك ذكره هذه المسألة في الانفرادات.
دليلنا بعد الاجماع المتردد أن التحريم إنما يتناول ما هو خمر وما انقلب خلا فقد خرج من أن يكون خمرا، ولأنه لا خلاف في إباحة الخل، واسم الحل يتناول ما هو على صفة مخصوصة، ولا فرق بين أسباب حصوله عليها. ويقال لأصحاب أبي حنيفة: أي فرق بين غلبة الخل على الخمر في تحليلها وبين غلبة الماء عليها أو غيره من المائعات أو الجامدات حتى لا يوجد لها طعم ولا رائحة؟ فإن فرقوا بين الأمرين بأن الخمر ينقلب إلى الخل ولا ينقلب إلى غيره من المائعات أو الجامدات.
قلنا: كلامنا فيها على الانقلاب، والخمر إذا ألقيت في الخل الكثير فما انقلبت في الحال بل عينها باقية وكذلك هي في الماء فما الفرق بين أن يلقى فيها ما يجوز أن ينقلب إليه وبين ما لا ينقلب إليه إذا كانت في الحال موجودة لم تنقلب.
مسألة:
ومما يظن قبل التأمل انفراد الإمامية به القول: بتحليل شرب أبوال الإبل، وكلما أكل لحمه من البهائم إما للتداوي أو غيره، وقد وافق الإمامية في ذلك مالك والثوري وزفر.
وقال محمد بن الحسن في البول خاصة مثل قولنا، وخالف في الروث، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي: بول ما أكل لحمه نجس، وروثه أيضا كنجاسة ذلك مما لا يؤكل لحمه.