بالنسب والسبب في الملك دون الوطء على ما دللنا عليه فيما مضى.
ووطء الحلائل من النساء في الدبر غير محظور بدليل الاجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، ومعنى " أنى شئتم " من أين شئتم وكيف شئتم في قول العلماء بالتفسير واللغة، وحمل ذلك على الوقت وأن يكون المعنى متى شئتم على ما حكى عن الضحاك خطأ عند جميعهم.
وقول المخالف: إذا سمى الله تعالى النساء حرثا وجب أن يكون الوطء حيث يكون النسل، لا يعول على مثله لأنه لا يمتنع تسميتهن بذلك مع إباحة وطئهن فيما لا يكون منه الولد بدليل أنه لا خلاف في جواز وطئهن فيما عدا القبل والدبر لأنه لو صرح بأن قال: فأتوا حرثكم أنى شئتم، من قبل ودبر لحسن منه ولما كان متنافيا، ولو كان ذكر الحرث يمنع من الوطء في الدبر لتنافي ذلك ولم يحسن التصريح به. ومن يقول: أن المراد بالآية إباحة وطء المرأة في قبلها من جهة دبرها خلافا لما يكرهه اليهود، مخصص للظاهر من غير دليل، ولو صح نزول الآية على هذا السبب لم يجز أكثر من مطابقتها له فأما منع تعديها إلى غيره مما يقتضيه ظاهرها فلا يجب.
وقد حكى الطحاوي عن الشافعي أنه قال: ما صح عن النبي ص في تحريم ذلك ولا تحليله شئ والقياس أنه مباح، وحكى عن مالك أنه قال: ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك في أن وطء المرأة في دبرها حلال وتلا الآية، وروى مالك ذلك عن نافع عن ابن عمر.