الله من فضله، وأن يتابع المراسم الشرعية في ذلك وقد قال تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم، قال ابن عباس: معنى قوله حرث لكم مزدرع أولادكم، كأنه قيل محترث لكم وإنما الحرث الزرع في الأصل، وقال الزجاج: أي نساؤكم ذات حرث لكم فأتوا لموضع حرثكم أنى شئتم، وقيل: الحرث كناية عن النكاح على وجه التشبيه.
ومعنى: أنى شئتم، من أين شئتم في قول قتادة والربيع، وقال مجاهد معناه كيف شئتم، وقال الضحاك معناه متى شئتم، فخطأه جميع أهل التفسير وأهل اللغة، بأن قالوا: أنى لا يكون إلا بمعنى من أين كما قال تعالى: أنى لك هذا قالت هو من عند الله، وقال بعضهم:
معناه من أي وجه واستشهد ببيت الكميت:
أنى ومن أين آبك طرب * من حيث لا صبوة ولا ريب وهذا لا شاهد فيه لأنه يجوز أن يكون أتى به لاختلاف اللفظين كما يقولون: متى كان هذا وأي وقت كان، ويجوز أن يكون بمعنى كيف.
وتأول مالك وقال: أنى شئتم يفيد جواز إتيان النساء في الدبر ورواه عن نافع عن ابن عمر وبه قال بعض أصحابنا، وخالف في ذلك جميع الفقهاء والمفسرين وقالوا هذا لا يجوز من وجوه:
أحدها: أن الدبر ليس بحرث لأنه لا يكون منه الولد وهذا ليس بشئ لأنه لا يمتنع أن تسمى النساء حرثا لأنه يكون منهن الولد ثم يبيح الوطء فيما لا يكون منه الولد. وهذا ليس بدليل لأنه لا خلاف أنه يجوز الوطء بين الفخذين وإن لم يكن هناك ولد.
وثانيها قالوا: قال الله: فأتوهن من حيث أمركم الله، وهو الفرج وهذا أيضا لا دلالة فيه، لأن قوله: من حيث أمركم الله، معناه من حيث أباح الله لكم أو من الجهة التي شرعها الله لكم على ما حكيناه عن الزجاج ويدخل في ذلك الموضعان، على أنهم قد أجمعوا على أن الآية الثانية ليست بناسخة للأولى.
وثالثها قالوا: إن معناه من أين شئتم أي ائتوا الفرج من أين شئتم وليس في ذلك إباحة لغير الفرج، وهذا أيضا ضعيف لأن من ذهب إلى كراهيته دون حظره لا يسلم أن معناه ائتوا الفرج، بل معناه عنده ائتوا النساء وأتوا الحرث من أين شئتم ويدخل فيه جميع