وأما صفة والده الذي يستحق عليه النفقة فهو القادر على النفقة على ولده في الفاضل عن قوت يومه، فإذا قدر على ذلك لمال في يده أو قدرة على كسب كان عليه الانفاق، فإذا كان الأمر في الولد والوالد على ما ذكرناه.
فأما الترتيب في ذلك فجملته أن نفقة الولد على والده إن كان موسرا كما ذكرناه، فإن لم يكن له والد أو كان له والد إلا أنه معسر فعلى جده، فإن لم يكن له جد أو كان له وكان معسرا فعلى والد الجد ثم على هذا الترتيب أبدا، فإن لم يكن له أب ولا جد أو كانا إلا أنهما معسران فنفقته على أمه، وكل جدة وإن علت فهي كالأم إذا لم تكن دونها جدة أو كانت لكنها معسرة مثل ما ذكرناه في الأب.
هذا إذا لم يكن من شق الأم إلا هؤلاء، فإن كان في شق الأم غير هؤلاء وهو أب الأم وأم أب الأم ومن جرى هذا المجرى فهم من أهل الانفاق في الجملة، لأن النفقة تلزم بالقرابة على من يقع عليه اسم الأب حقيقة أو مجازا أو على من وقع عليه اسم الجد حقيقة أو مجازا، وإذا كان له أب وأم فالنفقة على الأب دون الأم، فإن كان له أم وجد أبو أب وإن علا فالنفقة على الجد دون الأم، فإن اجتمع أبو أم وأم أم فهما سواء لتساويهما في الدرجة أيضا.
فأما النفقة على الوالد فعلى الولد أن ينفق على والده في الجملة وعلى جده وإن علا وينفق على أمه وأمهاتها وإن علون، والذي تجب النفقة عليه فإنها تجب في الفاضل عن قوت يومه وليلته، وصفة من تجب له فإن يكون فقيرا ناقص الأحكام أو الخلقة أو هما، وناقص الأحكام المجنون والخلقة الزمانة، وهما أن يكون مجنونا زمنا، فمن كان على هذه الصفة لزمت ولده النفقة عليه، وإن كان كامل الخلقة والأحكام إلا أنه فقير فعلى ولده الانفاق عليه، وإذا كان الولد كامل الخلقة والأحكام وكان معسرا وجب نفقته عليه.
وإذا كان موسرا وكان أبواه معسرين، فإن كان معه ما ينفق عليهما فعليه ذلك وإن لم يفضل عن كفايته إلا نفقة أحدهما كان هذا الفاضل بينهما، وإذا كان الابن موسرا وله أب وجد أبو الأب وهما معسران، وابن وابن ابن معسران أيضا، فإن فضل ما يكفي الكل