ولا يجوز أن يباع اللبن في الضروع فمن أراد بيع ذلك حلب منه شيئا واشتراه مع ما بقي في الضروع في الحال أو مدة من الزمان على ما رواه أصحابنا، وإن جعل معه عرضا آخر كان أحوط.
وقد روي: أنه لا بأس أن يعطي الانسان الغنم والبقر بالضريبة مدة من الزمان بشئ من الدراهم والدنانير والسمن، وإعطاؤه ذلك بالذهب والفضة أجود في الاحتياط. ويمكن أن يعمل بهذه الرواية على بعض الوجوه وهو أنه يحلب بعض اللبن ويبيعه مع ما في الضروع مدة من الزمان على ما وردت بمثله الأخبار، أو يجعل عوض اللبن شيئا من العروض ويبيعه مع ما في الضروع مدة من الزمان، لأن الإجارة لا تصح هاهنا، لأن الإجارة استحقاق منافع السلعة المستأجرة دون استحقاق أعيان منها.
والأقوى عندي المنع من ذلك كله لأنه غرر وبيع مجهول، والرسول ع نهى عن بيع الغرر، فمن أثبت ذلك عقدا شرعيا يحتاج إلى دليل شرعي والذي ورد فيه أخبار آحاد شذاذ وقد بينا أن أخبار الآحاد عند أصحابنا لا توجب علما ولا عملا والواجب على المفتي الرجوع في صحة الفتوى إلى الأدلة القاطعة.
ولا يجوز أن يبيع الانسان أصواف الغنم وشعرها على ظهورها فإن أراد بيعها جعل معها شيئا آخر، وقال شيخنا المفيد في مقنعته: يجوز ذلك إذا كان مشاهدا، والأول قول شيخنا أبي جعفر.
والأظهر عندي قول شيخنا المفيد رحمه الله لأنه غير موزون ما دام على ظهور الغنم، وإنما يصير موزونا إذا فارقها فلو حرمنا بيعه قبل مفارقتها لحرمنا علينا بيع ثمرة جميع الأشجار ما عدا النخل قبل مفارقتها للشجر.
وكذلك لا يجوز أن يبيع ما في بطون الأنعام والأغنام من الحيوان، فإن أراد بيع ذلك جعل معه شيئا آخر ليسلم من الغرر، فإن لم يكن ما في البطون حاصلا كان الثمن في الآخر، على ما روي في الأخبار من طريق الآحاد. والأولى عندي ترك العمل بذلك أجمع لأنه غرر