وجزاف منهي عنهما. وقد روي: أنه من اشترى أصواف الغنم مع ما في بطونها في عقد واحد كان البيع صحيحا ماضيا. والأولى ترك العمل بهذه الرواية لأنها زيادة غرر إلى غرر.
ولا يجوز أن يبتاع الانسان من الصياد ما يضرب بشبكته لأن ذلك مجهول، ولا بأس أن يشترى الانسان أو يتقبل بشئ معلوم جزية رؤوس أهل الذمة وخراج الأرضين وثمرة الأشجار وما في الآجام من السموك، إذا كان قد أدرك شئ من هذه الأجناس وكان البيع في عقد واحد لأنه يؤمن من الغرر على ما رواه بعض أصحابنا. ولا يجوز ذلك ما لم يدرك شئ من هذه الأجناس، أورد ذلك شيخنا في نهايته في باب الغرر، والأولى عندي ترك العمل بذلك، لأن هذا بيع مجهول ولا يرجع في مثل هذا إلى أخبار آحاد.
وروي: أنه لا بأس أن يشترى الانسان تبن البيدر لكل كر من الطعام تبنه - يعني تبن الكر فالهاء ضمير الكر - بشئ معلوم وإن لم يكل بعد الطعام. أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر في نهايته في باب الغرر، والأولى ترك العمل بها لأنه شراء مجهول ومبيع غير معلوم وقت العقد، والبيع يحتاج في صحته إلى أن يكون معلوم المقدار وقت العقد عليه وهذا غير معلوم ولا محصل، فالبيع باطل لأنه لا فرق بين ذلك وبين من قال: بعتك هذه الصبرة الطعام كل قفيز بدينار، ولم يخبركم فيها وقت البيع والعقد ولا كالها ذلك الوقت ويكون العقد والصحة موقوفا على كيلها فإذا كالها صح البيع المقدم، وهذا باطل بالإجماع.
وقال شيخنا في نهايته: وإذا اشترى انسان من غيره شيئا من القصب أطنانا معروفة ولم يتسلمها غير أنه شاهدها فهلك القصب قبل أن يقبض كان من مال البائع دون المبتاع، قال شيخنا: لأن الذي اشترى منه في ذمته.
قال محمد بن إدريس: هذا البيع ما هو في الذمة بل بيع عين مرئية مشاهدة فكيف يكون في الذمة؟ وأيضا لو كان في الذمة طالبه بعوضه وببدله. فأما قوله رحمه الله: كان من مال البائع دون المبتاع، فصحيح إذا لم يمكنه البائع المبتاع من قبضه فأما إذا مكنه من قبضه ولم يقبضه وتركه عند بائعه بعد أن مكنه من قبضه فإنه يهلك من المبتاع دون البائع فليلحظ ذلك فهذا تحرير