قال محمد بن إدريس: هذا ليس هو بيع المرابحة لأن بيع المرابحة موضوعه في الشرع أن يخبر بالثمن الذي اشتراه به وهذا ليس كذلك.
وإذا اشترى الانسان متاعا جاز أن يبيعه في الحال وإن لم يقبضه إذا كان معينا ويكون قبض المبتاع الثاني قبضا عنه، وإذا اشترى الانسان ثيابا جماعة فلا يجوز أن يبيع خيارها مرابحة لأن ذلك لا يتميز وهو مجهول، وإذا باع الانسان المتاع مرابحة فلا بد أن يذكر النقد الذي وزنه وكيفية الصرف في يوم وزن المال وليس عليه شئ من ذلك إذا باعه مساومة.
ولا يجوز بيع المتاع في أعدال مخرومة وجرب مشدودة إلا أن يكون له بارنامج يوقفه منه على صفة المباع في ألوانه وأقداره وصفاته فإذا كان كذلك جاز بيعه، فإذا نظر إليه المبتاع ورآه موافقا لما وصف له وذكر كان البيع ماضيا وإن كان بخلاف ذلك كان البيع مردودا إن اختار المشتري وإن رضي به فله ذلك لأن له الخيار، وإنما لم يجز هذا البيع إلا أن يكون له بارنامج لأن هذا بيع خيار الرؤية وهذا البيع من شرط صحته ذكر الجنس والصفة لأنه غير مشاهد فتقوم الصفة في هذا البيع مقام المشاهد.
والبارنامج كلمة فارسية معناها أن الفرس تسمي المحمول " بار " قل أم كثر والنامج بالفارسية " ناما " وتفسيره الكتاب لمعرفة ما في المحمول من العدد والوزن، فأعربوه بالجيم. فأما قولهم الروزنامج معنى الروز بالفارسية: اسم اليوم، والنامج " ناما " وهو الكتاب فكأنهم عنوا به كتاب كل يوم، فأعربوه بالجيم فهذا حقيقة هاتين الكلمتين بالفارسية ذكر ذلك أصحاب التواريخ مثل محمد بن جرير الطبري وغيره.
ومن أمر غيره أن يبتاع له متاعا وينقد من عنده الثمن عنه فاشتراه ونقد عنه ثمنه ثم سرق المتاع أو هلك من غير تفريط من المأمور كان من مال الآمر دون المأمور، وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا قوم التاجر متاعا على الواسطة بشئ معلوم وقال له: بعه فما زدت على رأس المال فهو لك والقيمة لي، كان ذلك جائزا وإن لم يواجبه البيع، فإن باع الواسطة المتاع بزيادة على ما قوم عليه كان له، وإن باعه برأس المال لم يكن له على التاجر شئ، وإن باعه بأقل من ذلك كان ضامنا لتمام القيمة، فإن رد المتاع ولم يبعه لم يكن للتاجر