وكذلك إن باع الثمرة بثمرة من غير ذلك النخل لم يكن أيضا به بأس.
وإلى هذا القول يذهب في مسائل خلافه إلا أنه رجع عن ذلك كله، وعاد إلى القول الصحيح الذي اخترناه في مبسوطه فقال: بيع المحاقلة والمزابنة محرم بلا خلاف، وإن اختلفوا في تأويله فعندنا أن المحاقلة بيع السنابل التي انعقد فيها الحب أو اشتد بحب من ذلك السنبل ويجوز بيعه بحب من جنسه على ما روي في بعض الأخبار، والأحوط ألا يجوز بيعه بحب من جنسه على كل حال، لأنه لا يؤمن أن يؤدي إلى الربا، والمزابنة هي بيع التمر على رؤوس الشجر بتمر منه، فأما بتمر موضوع على الأرض فلا بأس به والأحوط أن لا يجوز ذلك ولمثل ما قلناه في بيع السنابل سواء.
هذا آخر كلامه في مبسوطه رحمه الله، ألا تراه إن ما ذكره واختاره في نهايته جعله هاهنا رواية ضعيفة لأنه قال: على ما روي في بعض الأخبار، فلا يظن بالرجل أن جميع ما أورده في نهايته أخبار متواترة يعمل بها ويعتقد صحتها، معاذ الله فإني لا أستجمل لذوي البصائر والتحصيل أن يعتقدوا في شيخنا مع جلالة قدره هذا، وما اخترناه أيضا مذهب شيخنا المفيد في مقنعته وجماعة من أصحابه لأن النهي عام ولا مخصص له من كتاب ولا سنة ولا إجماع.
ويجوز بيع العرايا.
وهي جمع عرية بفتح العين وكسر الراء وتشديد الياء.
وهو أن يكون لرجل في بستان غيره نخلة يشق عليه الدخول إليها أو في داره يجوز أن يبيعها منه بخرصها تمرا نقدا يدا بيد لا نسيئة لأن غير العرايا لا يجوز نقدا يدا بيد ولا نسيئة، فامتازت العرايا من غيرها بأن رخص فيها لمكان الضرورة بأن يباع بخرصها تمرا نقدا يدا بيد لا نسيئة وغيرها لا يجوز نقدا ولا نسيئة ولا يجوز في غير النخل ذلك، وإن كان له نخل متفرق في كل بستان نخلة جاز له أن يبيع كل ذلك واحدة واحدة بخرصها تمرا بيع العرايا.
وإذا أراد الانسان أن يشتري العرية وجب أن ينظر المتبايعان إلى الثمرة التي على النخلة ويحرزاها، فإذا عرفا مقدار الرطب وإذا جف صار كذا تمرا فيبيع بمثله من التمر وزنا حسب ما يقع الحزر عليه. ومن شرط صحة هذا البيع أن يتقابضا قبل التفرق لأن ما فيه