قوم إلى: أن البيع صحيح غير أنه مكروه، وذهب آخرون منهم إلى: أن البيع غير صحيح، وذهب آخرون منهم إلى: أنه مراعى وإن كان جائزا مكروها إلا أنه متى خاست الثمرة المبتاعة سنة واحدة قبل بدو صلاحها فللبائع ما غلت دون ما انعقد عليه البيع من الثمن.
والذي يقوى في نفس الأول وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في استبصاره وتهذيبه ومذهب شيخنا المفيد في مقنعته، والثاني خيرة شيخنا أبي جعفر في نهايته إلا أنه رجع في استبصاره كما حكيناه عنه لما جمع بين الأخبار ونقدها وتوسط بينها، والثالث مذهب سلار ومن قال بقوله.
والذي يدل على صحة ما اخترناه قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا، وهذا بيع فمن منع منه يحتاج إلى دليل.
فإن قيل: هذا غرر والرسول ع نهى عن الغرر.
قلنا: معاذ الله أن يكون غررا بل هذا بيع عين مرئية مملوكة يصح الانتفاع بها أو يؤول إلى الانتفاع وقوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض، وهذه تجارة عن تراض، والأخبار في ذلك كثيرة جدا ربما بلغت إلى حد التواتر وما روي بخلاف ذلك يحمل على الكراهة لئلا تتناقض الأدلة، والذي يبطل اختيار سلار. ومن اختار سلار قوله قول الله سبحانه: أوفوا بالعقود، فأمر تعالى بالوفاء بالعقود والأمر في عرف الشريعة يقتضي الوجوب ومن راعى ما راعى سلار ما وفى بالعقود ولا امتثل الأمر.
فأما بيع ثمرة النخل وغيره سنة واحدة من قبل أن يخلق فيها شئ من الطلع ولا أظهر فلا يجوز عندنا إجماعا وكذلك عند المخالف، وكذلك لا يجوز بيعها قبل أن يطلع سنتين بغير خلاف بيننا وبين المخالفين. وإنما يجوز عندنا خاصة بيعها إذا أطلعت قبل بدو الصلاح سنتين وعند المخالف لمذهب أهل البيت ع لا يجوز.
وقد يشتبه على كثير من أصحابنا ذلك ويظنون: أنه يجوز بيعها سنتين وإن كانت فارغة لم تطلع بعد وقت العقد، وهذا بخلاف ما يجدونه في تصانيف أصحابنا وخلاف إجماعهم وأخبار أئمتهم وفتاويهم، لأنهم أجمعوا على أن الثمرة إذا لم يبد صلاحها فلا بأس ببيعها سنتين من غير كراهة ولا انضمام إلى العقد غيره. وهذا الذي ينطق به أخبارنا ويودعه مشايخنا تصانيفهم، لأنها إذا