لأن بعض أخبار الآحاد ورد بها فأوردها على ما هي عليه إيرادا لا اعتقادا.
وقد روي: أن من اشترى جارية كانت سرقت من أرض الصلح كان له ردها على من اشتراها منه واسترجاع ثمنها، وإن كان قد مات فعلى ورثته فإن لم يخلف وارثا استسعيت الجارية في ثمنها.
قال محمد بن إدريس: كيف تستسعي هذه الجارية بغير إذن صاحبها؟ وكيف تعتق ولا على ذلك دليل وقد ثبت أنها ملك الغير؟ والأولى أن يكون بمنزلة اللقطة بل يرفع خبرها إلى حاكم المسلمين ويجهد على ردها على من سرقت منه فهو الناظر في أمثال ذلك.
وقد روي: أن من أعطى مملوك غيره - وكان المملوك مأذونا له في التجارة - مالا ليعتق عنه نسمة ويحج، فاشترى المملوك أباه وأعتقه وأعطاه بقية المال ليحج عن صاحب المال، ثم اختلف. مولى المملوك وورثة الأمر ومولى الأب الذي اشتراه فكل واحد منهم قال: إن المملوك اشترى بمالي، كان الحكم أن يرد المعتق على مولاه الذي كان عنده يكون رقا له كما كان، ثم أي الفريقين الباقيين منهما أقام البينة بأنه اشترى بماله سلم إليه، وإن كان المعتق قد حج ببقية المال لم يكن إلى رد الحجة سبيل.
أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته.
قال محمد بن إدريس: لا أرى لرد المعتق إلى مولاه وجها بل الأولى عندي أن القول قول سيد العبد المأذون له في التجارة والعبد المبتاع لسيد العبد المباشر للعتق، وإن عتقه غير صحيح لأن إجماع أصحابنا على أن جميع ما بيد العبد فهو مال لسيده، وهذا الثمن في يد المأذون وأنه اشتراه فإذا اشتراه فقد صار ملكا لسيد المأذون الذي هو المشتري، فإذا أعتقه المأذون بعد ذلك فعتقه غير صحيح لأنه لم يؤذن له في العتق بل أذن له في التجارة فحسب، هذا إذا عدمت البينات. فهذا تحرير القول والفتوى في ذلك فليلحظ، وإنما هذا خبر واحد أورده شيخنا في نهايته إيرادا لا اعتقادا لصحته فلا يرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد، لأنها لا توجب علما ولا عملا، وأيضا فوكالة العبد المأذون له في التجارة غير صحيحة بغير إذن سيده.
إذا اشترى عبدا على أنه كافر فخرج مسلما لم يكن للمشتري الخيار ولا الأرش، دليلنا