إنما يستعمل في حال الضرورة وعند عدم الماء أو فقد التمكن من استعماله وكانت الطهارة به بدلا من الطهارة بالماء وجب تقديم ذكر المياه عليه ونحن نقدم ذلك بمشيئة الله وعونه.
باب المياه وأحكامها:
قال الله تبارك وتعالى: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان.
وقال سبحانه: وأنزلنا من السماء ماء طهورا.
وقال رسول الله ص وقد سئل عن البحر، فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته.
فكل ماء نزل من السماء أو نبع من الأرض وكان مخزونا، أو ماء بحر أو على أي وجه كان فهو على أصل الطهارة ما لم تعلم فيه نجاسة، وهو على ضربين: طاهر ليس بمطهر وطاهر مطهر.
فأما الطاهر الذي ليس بمطهر فهو جميع المياه المستخرجة والمعتصرة وكل ماء مضاف منها، مثل ماء الورد والآس والقرنفل والريحان والخلاف والزعفران وكل ما أشبه ذلك، وجميع هذه المياه يجوز استعمالها في غير الطهارة فأما في الطهارة فلا يجوز ويلحق به في ذلك كلما خالطه جسم طاهر فسلبه إطلاق اسم الماء.
وأما الطاهر المطهر فهو كل ما استحق إطلاق اسم الماء ولم يكن نجسا، وهذا الماء هو الذي يجب استعماله في الطهارة ورفع الأحداث وإزالة النجاسات عن الأبدان والثياب، ويجوز في غير ذلك من شرب وما سواه، فكل هذه المياه كما ذكرناه على أصل الطهارة والحكم بذلك فيها مستمر حتى تعلم ملاقاة شئ من النجاسات لها. وهي على ثلاثة أضرب: جار وراكد ليس من مياه الآبار ومياه الآبار.
فأما الجاري فمحكوم بطهارته حتى يتغير أحد أوصافه التي هي الريح واللون والطعم من نجاسة، فإذا صار كذلك حكم بنجاسته ولم يجز استعماله على وجه من الوجوه إلا في الشرب بمقدار ما يمسك الرمق عند الخوف من تلف النفس.