كان دأب الناس وديدنهم في جميع البلدان، وصار هذا الأمر مر كوزا في أذهان جميع المسلمين حتى أصحاب الأئمة (عليهم السلام)، فكان جميع الأخبار الصادرة عنهم (عليهم السلام) ملقاة إلى الذين ارتكز في أذهانهم كونه إقامة الجمعة من خصائص الخلفاء والأمراء ولم يكن يخطر ببالهم جواز إقامة سائر الناس لها. فلو كان حكم الله ورأي الأئمة (عليهم السلام) على خلاف ذلك لكان يجب عليهم بيان ذلك وتكراره والإصرار عليه وإعلام أصحابهم بأنه يجب على جميع المسلمين السعي في إقامتها وأنها لا تختص ببعض دون بعض، كما استقر على ذلك سيرتهم (عليهم السلام) في جميع المسائل التي خالف فيها أهل الخلاف لأهل الحق كمسألتي العول والتعصيب ونحوهما. (1) وبالجملة لو لم يكن الإمام أو من نصبه شرطا في إقامة الجمعة وكانت إقامتها من وظائف جميع المسلمين لبينها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوصياؤه وصارت من الصدر الأول كسائر الفرائض اليومية من ضروريات الدين بحيث يعرفها جميع المسلمين حتى النساء والصبيان، وكان سكان كل مصر أو قرية أو بادية يقيمونها في بلدتهم محلهم
(٣٨)