يتبعها لا محالة حركة طبيعية بعد زوال القاسر، ومجموع الحركتين ينسب عرفا إلى القاسر. فمن رمى حجرا إلى جانب السماء نسب إليه مجموع الحركتين:
الارتفاعية والانخفاضية عرفا وإن كانت الثانية بالدقة العقلية معلولة للقوة الطبيعة. لذلك ترى أنه لو صار الحجر في حال انخفاضه سببا لإتلاف نفس أو شيء آخر عد القاسر ضامنا مع أن الرجوع والانخفاض كان بالقوة الطبيعة. وبالجملة من سافر لغاية محرمة فبالدقة العقلية يكون ذهابه واقعا في طريق المعصية دون إيابه، ولكن العرف يعد مجموع الذهاب والإياب سفرا واحدا فانيا في الغاية المحرمة، بحيث يعد الإياب أيضا معلولا لهذه الغاية، لكونه من ضروريات الذهاب ومن توابعه، لا يعد الإياب بنفسه سفرا مستقلا لغاية في نفسه حتى يختلف حكمه مع الذهاب، إذ لو لم يكن غاية الذهاب لم يوجد سفر أصلا، فوجود الإياب أيضا مستند إلى غاية الذهاب، فتدبر.
ويوجه الثالث بأن الإياب يعد من توابع الذهاب - بتقريب مضى ذكره - ما لم يتخلل في البين توبة، وأما بعدها فيسقط من التبعية قطعا.
نظير ما ذكرناه في مسألة التوسط في الأرض المغصوبة بسوء الاختيار، حيث قلنا في تلك المسألة إن مجموع الحركات الدخولية والبقائية والخروجية تصدر عصيانا للمولى، من جهة أن الشخص بدخوله في أرض الغير بسوء اختياره اختار الحركات البقائية والخروجية أيضا، ولكنه إذا تاب وندم على ما عمله خرج دخوله بتوابعه من كونه مبغوضا ومعاقبا عليه، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما هو مقتضى إطلاقات التوبة، والمفروض أن الحركة الخروجية فعلا تكون مضطرا إليها، لتوقف التخلص من الحرام الزائد عليها، فلا تقع عصيانا للمولى أصلا. وبعبارة أخرى: إصدار المكلف لها واختيارها كان بعين إصدار الحركة الدخولية، والمفروض زوال حكمها بالتوبة، وصدورها الفعلي أيضا مضطر إليه، فما سبق على التوبة يتلافى بها، وما يوجد بعدها يكون بالاضطرار، فلا تقع عصيانا أصلا.