بحسب المبنى والملاك، إذ الاعتبار في قصد الإقامة إن كان بقصد العنوان لزم الحكم بعدم تحقق قصد الإقامة في كلتيهما، وإن كان بقصد ما هو مصداق لهذا العنوان بالحمل الشائع وإن لم يعلم بانطباقه عليه لزم الحكم بالتحقق فيهما. وكيف كان فالتفكيك بين المسألتين بلا وجه.
اللهم إلا أن يفرق بين المسألتين بأن متعلق القصد في الثانية عبارة عما هو مصداق بالذات لإقامة العشرة، إذا الفرض تعلقه بالإقامة في زمان محدود والفرض كونه عشرة أيام في الواقع. وبعبارة أخرى: يكون المتعلق للقصد محدودا بالحدود الزمانية والمفروض كون الزمان عشرة في الواقع فيحصل القاطع، وهذا بخلاف المسألة الأولى، فإن القصد فيها لم يتعلق بالإقامة في زمان محدود معين بالحدود الزمانية، بل التحديد فيه بحدود خارجة من حقيقة الزمان كإقامة الزوج والسيد والرفقة ونحوها، فالقصد كأنه تعلق أولا وبالذات بتبعية الزوج والسيد ونحوهما لا بالإقامة في مقدار من الزمان، فتدبر.
ونظير هاتين المسألتين يتصور في باب قصد المسافة أيضا، فنظير المسألة الأولى ما إذا قصدت الزوجة مثلا متابعة زوجها في طي كل ما قصده من المسافة مع كونها جاهلة بما قصده. ونظير المسألة الثانية ما إذا قصد المسافر المسافة المعينة الواقعة بين بلده والبلد الكذائي مع كونه جاهلا بمقدارها. وكلا البابين من واد واحد فما قيل في هذا الباب يجب أن يقال في ذلك الباب. هذا.
ولكن المترائي من أخبار الباب أن المعتبر تعلق القصد واليقين بعنوان إقامة العشرة، كما هو الظاهر من قوله في رواية زرارة: " إذا دخلت أرضا فأيقنت أن لك بها مقام عشرة أيام. " وقصد البقاء بمقدار ما قصده الزوج أو إلى آخر الشهر ليس قصدا لإقامة العشرة بل قصدا لعنوان آخر تصادف مع إقامة العشرة خارجا. بعبارة أخرى: القصد واليقين ونحوهما من الصفات النفسانية إنما تتعلق بمفاهيم ثابتة في الذهن متعينة فيه