هو سفر عملا له، بمعنى صيرورته أمرا عاديا له بنحو لا يوجد فيه ما هو المقتضي للترخيص في سائر المسافرين. فافتراق هذا المسافر عن سائر المسافرين المتحملين للشدة في السفر أمر مركوز في أذهان العرف، بحيث يمكن أن يدعى فيه ما ادعيناه في البدوي نظائره من انصراف أدلة القصر عنه من أول الأمر.
هذا مضافا إلى أنه لو فرض رجوع الضمير إلى مبادئ العناوين المذكورة كالمكاراة ونحوها وجب الالتزام أيضا بكون رجوعه إليها من جهة اشتمالها على حيثية السفر لا بما أنها عنوان خاص كالمكاراة مثلا، وإلا كان في التعليل نحو مصادرة، إذ محصله على هذا أنه يجب على المكاري مثلا الإتمام لأن المكاراة عمله، حاصله أنه يجب الإتمام على المكاري لأنه مكار. فالواجب أن يلحظ في مرجع الضمير حيثية السفر، ومقتضاه عدم الاعتبار بحيثية المكاراة ونحوها، وكون الإتمام دائرا مدار كون السفر عملا. والعلة كما تكون معممة، تكون مخصصة لدوران الحكم مدارها نفيا وإثباتا. فلازم ذلك عدم الاعتبار بصدق عنوان المكاراة ما لم يصدق كون السفر عملا له. وإذا صدق كونه عملا وجب الإتمام وإن لم يصدق المكاراة. اللهم إلا أن يكون النظر في مرجع الضمير إلى السفر الخاص، أعني السفر المكاراتي مثلا لا مطلق السفر، فيصير الملاك صدق كون السفر الخاص عملا له.
ثم إنه بعد الفراغ عن ذلك يقع البحث في أنه هل يكفي في صدق كونه عملا له كونه مزاولا له في بعض السنة، أو لا يكفي ذلك في صدقه؟ فيه وجهان. وإثبات أحدهما مشكل. (1) ثم إنه يتفرع على ما ذكرناه من كون الاعتبار بعنوان المكاراة أو كون السفر