ونحن نقول: إن كان مرادهم الاستشكال في التعدي عن العناوين الخاصة حتى إلى العناوين المسانخة لها كسائقي السيارات وملاحي الطائرات مثلا في زماننا المسانخين للملاحين والمكارين حتى في كون السفر جنسا لشغلهم فالاستشكال بلا وجه؛ إذ فيه - مضافا إلى التعليل بقوله: " لأنه عملهم " الشامل لهم قطعا - أنه لو كان المذكور في الأخبار نفس العناوين الخاصة فقط لتعدينا منها أيضا إلى العناوين المسانخة لها، للقطع بعدم دخالة خصوصية المكاراة والملاحية مثلا وأنه إذا ألقي هذه العناوين إلى أهل العرف لفهموا منها كون الملاك أمرا جامعا بين المكاراة والملاحية مثلا وبين غيرهما من العناوين غير المذكورة المسانخة لهما.
وإن كان مرادهم الاستشكال في التعدي عن ذوي الحرف المستلزمة للسفر إلى كل من تكرر عنه السفر ولو لم يكن متحرفا به، كمن تكرر عنه السفر لتحصيل العلم أو الزيارة مثلا، فله وجه، إذ تعميم مفاد الأخبار حتى تشمل مثل ذلك مشكل. غاية ما يمكن أن يقال في تقريبه أمران أشرنا إليهما سابقا:
الأول: أن يقال بدلالة قوله: " لأنه عملهم " على ذلك، فإن الظاهر كما عرفت كون مرجع الضمير فيه نفس السفر لا عنوان المكاراة ونظائرها. ومعنى عملية السفر كثرته وتكرره عن الشخص بحيث يراه العرف مزاولا للسفر دائما سواء صدق عليه أحد العناوين الصناعية أم لم يصدق.
الثاني: إلقاء الخصوصية، بأن يقال: لو فرض قطع النظر عن عموم التعليل أيضا كان المتبادر إلى ذهن العرف عدم دخالة خصوصية التحرف والتكسب، بل كان يحكم بمناسبة الحكم والموضوع أن الملاك في وجوب الإتمام صيرورة السفر بسبب التكرر عاديا للشخص، بحيث يرتفع عنه صعوبته ومشقته، سواء كان ذلك للتكسب وتحصيل المال أو كان للزيارة ونحوها، فيكون ذكر عنوان المكاراة ونحوها من باب المثال. هذا.