وهذا بخلاف المكاراة والملاحية نحوهما، فإن السفر يكون بمنزلة الجنس لها، ويكون كل منها نوعا منه. ونظير التاجر الأمير والجابي، كما في الرواية.
وعلى هذا فيستفاد من وجوب الإتمام على مثل التاجر الذي يدور في تجارته أن وجوب الإتمام لا ينحصر فيمن يكون السفر مقوما لشغله وحرفته، كما لا يخفى.
ثم إن المذكور في الرواية وإن كان خصوص من يدور في تجارته من سوق إلى سوق ويتبادر منه تعدد الأسواق على الترتيب الذي كان متداولا في السابق من تأسيس الأسواق، كل شهر في بلد أو برية، إلا أنه يمكن دعوى القطع بعدم دخالة ذلك في الحكم، إذ بمناسبة الحكم والموضوع يعلم عدم الفرق بين من يدور في الأسواق المتكررة وبين من يدور بين سوقين كسوق بلده وسوق بلد آخر، سواء كان تجارته بحمل المتاع من هذا إلى ذاك وبالعكس أو كان من طرف واحد، لاشتراك الجميع في أن السفر ليس جنسا لشغلهم ولكن التجارة والاسترباح بالنسبة إليهم صادفا من باب الاتفاق كثرة السفر وتكرره. وخصوصية كون الأسواق أزيد من اثنين أو كون جميعها خارج الوطن أو كون تجارته بحمل المتاع من الطرفين مما يقطع بعدم دخالتها في الحكم، بل خصوصية السوقية أيضا ملغاة، لإمكان تحقق البيع والشراء في غير الأسواق، كما لا يخفى.
ثم إنه هل يكون لخصوصية التجارة دخل في الحكم أو يعم سائر الحرف المكاسب أيضا إذا استلزمت بالنسبة إلى شخص كثرة السفر وتكرره؟
يمكن دعوى القطع بعدم دخالتها بعد اشتراك الجميع في عدم كون السفر جنسا لها واستلزامها لمزوالته اتفاقا في حق أشخاص معينة.
فإذا كان شغله التحرير، أو التدريس، أو التجارة، أو الزراعة، أو نحوها ولم يكن لعمله باذل في بلده فاحتاج إلى أن يسافر في كل يوم أو كل أسبوع إلى بلد آخر أو محل آخر للاكتساب لزم عليه الإتمام، إذ بمناسبة الحكم والموضوع يعلم أن الموجب