رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بنفسه يقيم الجمعة ويعقدها، وبعده أيضا ما أقامها إلا الخلفاء والأمراء ومن ولي الصلاة من قبلهم، حتى وصلت النوبة إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فكان هو أيضا كذلك، وكان من سيرتهم جميعا تعيين أشخاص معينة لإمامة الجمعة في البلدان وإن كان الغالب تعيين الحكام لها، فكان عقدها وإقامتها من مناصبهم الخاصة ولم يعهد في عهدهم إقامة شخص آخر لها، بدون إذنهم حتى في عصر خلافة علي (عليه السلام) وهكذا كان سيرة الخلفاء غير الراشدين من الأموية والعباسية، فكان ينظر ويرى كل واحد من آحاد المسلمين أنه كلما أقبل يوم الجمعة حضر الخليفة بنفسه أو نائبه لإقامتها واجتمع الناس وسعوا إليها ولم يروا قط أحدا يعقدها باختياره.
فهذه السيرة والطريقة كانت مشهودة للمسلمين مركوزة في أذهانهم حتى لأصحاب أئمتنا (عليهم السلام)، فالأخبار الصادرة عنهم (عليهم السلام) قد ألقيت إلى أشخاص قد شهدوا هذه الطريقة من الخلفاء وعمالهم ومن الناس في الجمعات وارتكزت هذه الطريقة في أذهانهم من الصغر، وقد استمر سيرة السلاطين بعد الخلفاء أيضا على إقامة الجمعة بأنفسهم وعلى نصب أشخاص خاصة لها، حتى إن السلطان إسماعيل الصفوي (1) قد مال إلى إقامتها في قبال العثمانية وكانت الصفوية يعينون أشخاصا خاصة لإقامة الجمعة في البلدان، وكان إمامة الجمعة من المناصب المفوضة من قبلهم، وهكذا كان سيرة القاجارية، ولأجل ذلك كان في كل بلد شخص خاص ملقبا بلقب إمام الجمعة.
والحاصل أن إقامة الجمعة وإمامتها منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله إلى زماننا هذا كانت من مناصب سلطان المسلمين ومن بيده أزمة أمورهم أو المنصوبين من قبلهم.