[...] الثالث: العفو عما يتعارف مطلقا ولو مع التعدي، وهذا هو مختار المصنف (قدس سره).
ولا يخفى: أن أوسط الأقوال وخيرها هو هذا القول.
وأما القولان الأولان، فهما بين إفراط وتفريط.
والدليل على ما قلناه، كما أفاده صاحب الجواهر (قدس سره) (1): هو إطلاق روايات العفو المتقدمة، فإنه ليس فيها - كما عرفت - أمر بالتحفظ عن هذا الدم كي لا يتوسع ولا يسري إلى الأطراف، مع أنه قد مضى - أيضا - عدم الدليل على المنع عن التنجيس، أو على وجوب الشد والربط.
نعم، لا يشمل الإطلاق الدم الخارج عن المتعارف، كما لا يشمل ما إذا عداه المكلف اختيارا، وهذا واضح.
وقد ظهر مما ذكرنا، أنه لاوجه وجيها للقولين الأولين:
أما الأول: فلكونه منافيا لإطلاق روايات العفو الشامل لصورة التعدي بالمقدار المتعارف، أيضا.
أما الثاني: فلما عرفت، من عدم شمول الإطلاق لما خرج عن المتعارف، كدم قرحة اليد أو الرجل المصيب للرأس أو الكتف أو الظهر، كما أنه قاصر الشمول لما إذا عدى المكلف الدم اختيارا، ولو شك في شمول الإطلاق، لكان المرجع عمومات أدلة المنع أو إطلاقاتها، لا أدلة العفو، ضرورة أن الشك هنا يرجع إلى الشك في زيادة تقييد أدلة العفو.