صلى الله عليه وآله وأحكام الدين الإلهي (1).
لما انتظم أمر الدولة العباسية ظهر الجدل والخلاف واتسع المجال للعقول خاف المنصور الدوانيقي من جراء ذلك تشتيت أمر الشريعة ودخول الفوضى في الأحكام فأمر أنس بن مالك أن يكتب له كتابا يتجنب فيه رخص ابن عباس وشدائد ابن عمر فكتب (الموطأ) وأراد المنصور أن يحمل الناس على العمل به كما حمل عثمان الناس على العمل بالمصحف وفتر مالك من عزمه بدعوى أن الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على هدى فتبطأ المنصور عن امضاء فكرته (2) وتحكى هذه القصة عن الرشيد معه وأنه أراد تعليق الموطأ على الكعبة فلم يوافقه مالك (3).
وكل منهما يجهل ما عند " الصادق (ع) " من فقه الشريعة المستقى من اللوح المحفوظ وفنون المعارف وتأويل القرآن المجيد وأسرار الطبايع وجوامع التاريخ سجلت اعترافهما بذلك.
في هذا العصر تمكن استنباط الأحكام واستقرت أصوله وسمى أهله بالفقهاء ويرتئي الموفق أحمد المكي الحنفي أن أبا حنيفة أول من دون الفقه ورتب أبوابه (4).
لكن شافعية الرازي لم تهضم هذه الدعوى فأخذ يناقشه الحساب بأنه إن أراد من التدوين التصنيف فلم يثبت له شئ وإنما أصحابه الذين صنفوا وإن أراد التفريع فقد سبقه إليه الصحابة والتابعون (5).