المذهب الفقهي والأصولي المنسوب لأحمد بن حنبل * في الفقه:
أجمع المؤرخون على أن أحمد بن حنبل لم يصنف كتابا في الفقه يعد أصلا يؤخذ منه مذهبه، فلم يكتب إلا الحديث، وقد ذكر العلماء أن له بعض كتابات في موضوعات فقهية، منها المناسك الكبير، والمناسك الصغير، ورسالة صغيرة في الصلاة، كتبها إلى إمام صلى هو وراءه فأساء في صلاته.
وهذه الكتابة هي أبواب قد توافر فيها الأثر، وليس فيها رأي أو قياس أو استنباط فقهي، بل اتباع لعلم، وفهم لنصوص، فرسالته في الصلاة، والمناسك الكبير والصغير، هي كتب حديث، وإن كانت في موضوعات مما تناولها الفقه بالبسط والشرح والتوضيح، ولكنها كأكثر العبادات أعمال نصوص صريحة، أو اتباع عمل مروي.
وإذا كان أحمد لم يدون في الفقه كتابا ولم ينشر آراءه، ولم يملها على تلاميذه، كما كان يفعل أبو حنيفة، فإن الاعتماد في نقل فقهه كان على عمل تلامذته فقط، وهنا نجد كما نوهنا، الغبار يثار حول ذلك النقل من نواح عدة:
أولها: إن أحمد كان طول حياته يكره أن تنقل عنه الفتاوى أو تدون، أو تنشر باسمه كما أشرنا من قبل، ويروى في هذا أن أحمد بن الحسين بن حسان قال: " قال رجل لأبي عبد الله أريد أن أكتب هذه المسائل، فإني أخاف النسيان، فقال أحمد بن حنبل لا تكتب، فإني أكره أن أكتب رأيي، وأحس مرة بإنسان يكتب، ومعه ألواح في كمه، فقال: لا تكتب رأيا لعلي أقول