بحوثا وكتبا أشبعها أصحابها بحثا وتحليلا ونقدا، ولكننا سنعرض لها لبيان جذورها في تراث الحشو السلفي، باعتباره أهم المصادر التي تغذي اليوم هاته العقائد. لذلك فالحشوية في الماضي والحاضر يعتبرون الجبر من عقائدهم التي يتشبثون بها ولا يحيدون عنها قيد أنملة.
* الجبر ونفي الاختيار:
تزخر مصادر الحشوية بكم هائل من أحاديث الجبر ونفي الاختيار وأن الإنسان يولد مسلوب الإرادة لا علاقة له بتحديد مصيره. ولو صحت هذه الأحاديث لما بقي لبعث الأنبياء وتكليف العباد بالواجبات والمحرمات وغيرها معنى معقول (189).
جاء في كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا خالد بن صبيح المري، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله إنه سمع أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء، أنه قال: سمعت النبي (ص) يقول:
" فرغ الله إلى كل عبد من خمس: من أجله ورزقه وأثره، وشقي أم سعيد " (190).
وعنه أيضا، قال حدثني أبي، حدثنا هشيم، حدثنا علي بن زيد، سمعت أبا عبيد بن عبد الله يحدث قال: قال عبد الله: قال رسول الله (ص): " إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما على حالها لا تغير، فإذا مضت الأربعون صار علقة ومضغة كذلك، ثم عظاما كذلك، فإذا أراد الله أن يسوي خلقه بعث إليها ملكا فيقول الملك الذي يليه: أي رب أذكر أم أنثى؟، أشقي أم سعيد؟ قصير أم طويل؟ أناقص أم زائد؟، قوته وأجله، أصحيح أم سقيم؟، قال فيكتب ذلك كله. فقال رجل من القوم: فيم العمل إذا وقد فرغ من هذا