السلفية بين أهل السنة والإمامية - السيد محمد الكثيري - الصفحة ١٥٩
بالقدم، فلو أنكم قلتم نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر أحد عليكم، وإنما حملكم إياه على الظاهر قبيح، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي ما ليس فيه " (90).
لم يستمع الحشوية لنصيحة ابن الجوزي أو غيره من العلماء، بل أكثروا الكذب على أحمد بن حنبل ورووا عنه مجمل عقائدهم وأدخلوا كل ما جمعوه من أحاديث أهل الكتاب من اليهود والنصارى وجعلوها أسس وقواعد مذهبه الأصولي. فاعتقدوها ودعوا العامة للإيمان بها، وكفروا من خالفهم في ذلك، سواء كان حنبليا أم لا.
وعليه يحق لنا أن نؤكد، إن ما يعرف بالمذهب الحنبلي أو ما يوصف اليوم بالمذهب السلفي، ما هو إلا عقائد الحشوية وآراؤهم، جمعت ودونت ونسبت لهذا المحدث الذي اختارته الظروف التاريخية ليتبوأ الزعامة داخل تيار أصحاب الحديث. فليس لابن حنبل في مذهبه إلا الاسم، ونزر قليل إن وجد من آرائه واختياراته، وقد اختلط وضاع ضمن الكم الهائل لآراء هؤلاء الحشوية وخصوصا في العقائد.
* مسند ابن حنبل: الزيادة والتحريف:
لم يسلم " المسند " الكتاب الذي اشتهرت نسبته لأحمد من التحريف والزيادة فهذا ابن تيمية يقول في كتابه منهاج السنة عن المسند، إن عبد الله قد زاد فيه زياداته ثم زاد أبو بكر القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة فظن الجهال (91) إن ذلك من رواية أحمد رواها في المسند...

(٩٠) أبو زهرة، ابن تيمية، ص ٣٢٢ - ٣٢٣ - ٣٢٤.
(٩١) إن قول ابن تيمية " فظن الجهال " فيه سوء أدب من الشيخ كما لا يخفى. فيكف يتسنى لطالب العلم أو عالم أن يقرأ كتاب المسند ويطالع مروياته ثم يقول: هذه رواها أحمد، هذه زيادة ابنه عبد الله أو غيره، وليس هناك ما يشير إلى ذلك. نعتقد أن قوله هذا واعترافه الصريح بالزيادة في المسند ليس مرده البحث الموضوع أو الإنصاف، وإنما ليتسنى له تضعيف ورفض ما روي في المسند من فضائل علي بن أبي طالب وأهل بيته، فإنه كان لا يجد حديثا يخصهم إلا ورام تضعيفه، أو بحث له عن علة تجرحه. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لقد ورث الأمويون بغضهم عليا وآل بيته المجتمع الإسلامي عامة، وبعضا ممن ينتسب لأهل العلم.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست