ما رأيت ظاهرا أشبه بباطن منه، ولا باطنا أشبه بظاهر منه. إن عالما جليلا - كما يقول الدكتور الشكعة - مثل الحسن البصري لا يمكنه أن يصف عمرو بن عبيد بهذه الأوصاف لو كان فيه قيد شعرة من انحراف في مذهبه واعتقاده (27).
بالإضافة إلى أن عددا من خلفاء بني العباس كانوا على مذهب الاعتزال ولم يقل أحد من أئمة الفقه أو الحديث بأنهم كفار. بل كانوا يصلون وراءهم ويحجون معهم ويغزون. وقد كان الإمام أحمد ابن حنبل عباسي الميل السياسي، ولعله الوحيد بين الأئمة الأربعة الذي يرى هذا الرأي (28). فكيف بزعيم السلفية - كما سيدعي أصحابه فيما بعد - يوالي المنحرفين والكفرة إن كان المعتزلة فعلا كذلك.
* من هم السلفية:
بعد هذه المتابعة التاريخية لمفهوم السلف، وتحليل بعض التعاريف التي وضعها السلفيون وغيرهم، نستطيع أن نجيب على السؤال الثالث وهو: من هم حقيقة دعاة الانتساب لمذهب السلف أو " السلفية " في الماضي والحاضر؟
وهل لهؤلاء " السلفية " مذهب خاص في الأصول والفروع يميزهم عن باقي الفرق الإسلامية المعروفة.
المقصود بالسلفية هم أولئك الذين ظهروا في القرن الرابع الهجري.
وكانوا من الحنابلة، وزعموا أن جملة آرائهم تنتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيى عقيدة السلف، وحارب دونها، ثم تجدد ظهورهم في القرن