وابن المبارك النخعي، والبخاري ومسلم وسائر أصحاب السنن دون من رمي ببدعة أو شهر بلقب غير مرضي مثل الخوارج والروافض والمرجئة والجبرية، والجهمية، والمعتزلة وسائر الفرق الضالة (11) وعليه فمفهوم السلف في أغلب التعاريف التي ذكرنا لا يشير فقط إلى مرحلة زمنية معينة اختلف في تحديدها. وإنما ارتبطت هذه الفترة الزمنية بمفهوم آخر هو الذي أعطى للفظ " السلف " و " السلفية " مفهومه الاصطلاحي وهو " الخيرية ". وهذا المفهوم إنما استنبط من حديث رواه كل من البخاري ومسلم، فعن عبد الله بن مسعود قال رسول الله (ص): " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ".
* السلف والخيرية:
انطلاقا من مضمون هذا الحديث - بصرف النظر عن صحته أو ضعفه - نرى أن رسول الله (ص) جعل خير الناس وأفضلهم، معاصريه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، دون تحديد سبب لهذه الأفضلية أو الخيرية، سوى ما هو متبادر من ظاهر الحديث، قرب هؤلاء الناس من الرسول وتواجده بين ظهرانيهم، فأفضلهم من عايشوا الرسول (ص) وهم الصحابة، ثم من عايش الصحابة وهم " التابعون "، ثم من عايش " التابعين ". وقد سمي هؤلاء التابعين - كما مر معنا في التعاريف - بالسلف الصالح.
لكن الملاحظ إن هذه " الأفضلية " و " الخيرية " التي ذكرها الحديث مطلقة وتشمل كل من عاصر الرسول وأصحابه والتابعين، دون تحديد. فهل يشير الحديث ضمنا إلى فئة أو شريحة متميزة من الناس لها مواصفات معينة وهي