بالمسجد الحرام وهو صاحب الأقوال السابقة إلى نعت المقلدين للأئمة المجتهدين بالحمق والجهل والضلال. وبأنهم فرقوا دينهم وكانوا شيعا وبأنهم ممن قال الله عنهم " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * وبأنهم الأخسرون أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) * (88). بل أنه تمادى كغيره من السلفيين في السب والقدح الجريح. وراح يشبه المقلدين لمذاهب الأئمة بالحمر المستنفرة، ويصفهم بالدجل والمعاندة والوصول ولكن إلى الشيطان (89).
* المذاهب الفقهية صنعتها السياسة:
لقد اتضحت صورة الخلاف أمام القارئ، فالسلفيون يرفضون المذاهب الفقهية الثلاثة ولا نقول الأربعة لأنهم يناصرون جل ما يذهب إليه المذهب الحنبلي في الفروع مع إضافات قليلة، زادها ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية. مع العلم أنهم لا يأخذون بما قاله ابن تيمية بخصوص فتوى الطلاق الثلاث. لأنه خالف السلف - أي عمر بن الخطاب - فيها. كما يرفضون المذهب الفقهي الإمامي جملة وتفصيلا. والسبب في هذا الرفض ليس فقط لأن هذه المذاهب قد أنشأتها السياسة، لأنه ما من مذهب من هذه المذاهب المعروفة إلا وللسياسة فيه اليد الطولى.
فمذهب " الحشوية " آباء السلفية المعاصرين لم يكن لينهض على رجليه ويقف يصارع خصومه وينتصر عليهم، لولا دعم الخليفة المتوكل لأصحابه والانتصار لهم وقتل خصومهم. وهذا مسطر في كتب التاريخ، ولا يحتاج إلى دليل. أما المذهب السلفي المعاصر فإنه نشأ وترعرع في أحضان الدولة السعودية، ولولا كونه أحد دعائم الحكم في هذه المملكة اليوم لما استطاع أن