وتحلل وتدرس الظواهر السلبية للتخلف العام الذي نعيشه. فإنها قد اختفت من واجهات المكتبات. ويظهر أن المطابع لم تعد تطبع شيئا منها لأن الطلب عليها قد قل ولا أحد من الموزعين مستعد لتحمل أعباء الخسارة المالية إذا غامر بإصدار مثل هكذا كتب ودراسات.
وهكذا وفي خلال فترة قصيرة وتحديدا بعد زمن الطفرة النفطية، تم تصدير نموذج التخلف الفكري والواقع المعرفي داخل المملكة السلفية إلى باقي الحواضر الإسلامية. ولولا الاختلافات السياسية والأيديلوجية بين الأنظمة العربية الحاكمة لكانت الطامة الكبرى، لأن هذا الاختلاف فسح المجال للتنوع والحرية الفكرية. بخلاف الواقع السلفي المعاش داخل الجزيرة. ومع ذلك فإن إغراق السوق الإسلامية بالكتاب السلفي كان متيسرا جدا خصوصا بعدما انتبهت الحكومات العربية إلى أن الفكر السلفي وقضاياه الخاصة التي ينشرها ويلوكها، يمكن أن تشكل عائقا أمام الصحوة الإسلامية التي بات انتصارها يزعج تلك الحكومات.
* ثوب قصير ونعل ولحية:
أما أفضل مثال لانتشار الفكر السلفي خارج حدوده، وسيطرته على توجيه الصحوة هناك. فيمكن أن يقال بأن الساحة الجزائرية كانت المجال الأرحب الذي انتشر فيه الفكر السلفي. وذلك لعدة أسباب منها. أن الجزائر كانت خاضعة للهيمنة الثقافية الفرنسية لعقود من الزمن، ولما حققت استقلالها اتجهت حكومة الاستقلال نحو التعريب، وقد تبع هذا التعريب موجة من الصحوة الدينية. فكانت السعودية ومعها المؤسسة الدينية سباقة لاكتساح الساحة وإفراغ أطنان من الكتب السلفية، ووزعت فتاوى ابن تيمية مجانا، كما التحق عدد كبير من الطلبة الجزائريين بالجامعات السعودية. فانتشر الفكر الوهابي السلفي على نطاق واسع واصطبغت الصحوة هناك بالصبغة السلفية