والقول بإجماع المسلمين على قدم القرآن لا يصح. لأن هذه المسألة مما اختلفت طوائف الأمة الإسلامية حولها. فذهب المعتزلة إلى القول بخلق القرآن كما هو معروف لديهم، وللشيعة الإمامية قول بالخلق. وأما أهل السنة من أشاعرة وماتريدية، فلهم تفصيل في ذلك يبعدهم كثيرا عن قول الحشوية الحنبلية أو " السلفية " النابتة منها، وأهل الحديث بشكل عام. لذلك فإطلاق القول بإجماع المسلمين على قدم القرآن فيه نظر. على أن مسألة قدم القرآن قد تكون تسربت للمسلمين من اليهود لأنهم يقولون بقدم التوراة أو من النصارى حينما قالوا بقدم الكلمة التي هي المسيح (51). ولنا عودة لتفصيل القول في عقائد " الحشوية السلفية " في الفصول القادمة إن شاء الله.
* الحشو يؤسس للتشبيه والتجسيم:
لقد ظلت عقائد التجسيم والتشبيه متناثرة هنا وهناك، في أقوال المحدثين ورواياتهم، حتى ظهر مقاتل بن سليمان (المتوفى سنة 150 ه) وهو أحد كبار المفسرين، الذي ملأ تفسيره حشوا من الإسرائيليات. لذلك، فقد أجمعت المصادر كما يقول الدكتور علي سامي النشار على كونه مشبها ومجسما، و " أنه أخذ من علم اليهود والنصارى ما يوافقه لتدعيم تفسيره المشبهي والمجسمي... يقول ابن حيان: " كان يأخذ من اليهود والنصارى ومن علم القرآن الذي يوافقه وكان يكذب في الحديث. فتأثر الرجل باليهود والمزدكية ظاهر " (52).
وجاء بعده مجاهد بن جبر المحدث، ونشر حديث " المقام المحمود " (53)