قد يقال بأن التجمعات الشيعة داخل الإمبراطورية العثمانية عرفت بعض الهدوء مع بداية الاستعمار الغربي وهجمته الإمبريالية لاقتطاع أراضي الدولة الإسلامية. لأن الخلافة في الإستانة قد انشغلت بالحروب المتعددة مع روسيا ومع الغرب. كذلك ربما نعم الشيعة في العراق ولبنان ببعض الحرية وتنفسوا الصعداء. لكنه هدوء سبق العاصفة. عاصفة هو جاء ستهب من بلاد نجد، تحمل على عاتقها قرونا من الكراهية والحقد الأعمى تجاه الشيعة والتشيع.
* الشيعة في المنطقة الشرقية:
انطلقت الحركة الوهابية من نجد وتمكنت بحد السيف من السيطرة على مجمل وسط الجزيرة العربية، وبدأت في نشر الفكر الحنبلي وإحياء التراث الحشوي في العقائد. وفي توسعها الجغرافي اصطدمت بأهل السنة في الحجاز. وبالشيعة الإمامية في المنطقة الشرقية والخليج. وإذا كان الحكم بالشرك قد أباح قتل أهل السنة ومن ثم القضاء عليهم والحلول محلهم، فإن الصراع مع شيعة المنطقة الشرقية سيأخذ أبعادا أكثر تعقيدا.
فلو رجعنا إلى يوميات الاحتلال الوهابي لمناطق الشيعة فسترى أن الهمجية بلغت مداها، يقول محمد عبد المجيد: " وفي خريف 1793 م توجه سعود مع قوات كبيرة إلى الأحساء ونهبت قواته البدوية كل ما صادفته في طريقها وقتلت دون رحمة كل من أبدى مقاومة، ودمرت بساتين النخيل واستأثرت بمحاصيل التمور ورعت الماشية في الحقول.
ويصف مؤرخ الدولة السعودية ابن بشر إخضاع الأحساء ويقول: " فلما أصبح الصباح رحل سعود بعد صلاة الصبح فلما استووا (أي القوات) على ركائبهم وساروا ثوروا بنادقهم دفعة واحدة فاظلمت السماء وأرجفت الأرض وتأرجح الدخان في الجو وأسقط كثير من النساء الحوامل في الأحساء، ثم نزل سعود وظهر عليه جميع أهل الأحساء على إحسانه وإساءته وأمرهم