وسأله أبو طالب فيمن يقرأ في الأربع كلها بالحمد وسورة؟ قال: لا ينبغي أن يفعل. فحملوا هذا على الكراهة، وكذلك قوله: أكره، أولا يعجبني، أو لا أحبه، أو استحسنه، حملوا ذلك كله على الكراهة، ومنهم من يحمله على الحرمة، وقد نقل ابن القيم الجوزية روايات كثيرة عن أحمد جاءت بلفظ الكراهة، والمقصود التحريم.
قال ابن أبي يعلي: وليست جوابات إمامنا في الأزمنة والأعصار إلا بمثابة ما يروي عن النبي (ص) من الآثار، لا يسقط نهايتها موجبات بدايتها إلا بأمر صريح بالنسخ أو التخفيف، فإذا عدم ذلك كان على موجبات رعايته، فكذلك في جواباته إذ العلماء أنكروا على أصحاب الشافعي من حيث الجديد والعتيق، وأنه إذا ثبت القول فلا يرد إلا باليقين، فكذلك في جوابات إمامنا (86).
إن وجود ألفاظ مثل: " يعجبني ولا يعجبني وأكره ولا ينبغي " بشكل غامض وغير محدد في أجوبة أحمد يدعم القول بكونه ليس فقيها متمرسا كباقي الأئمة، وإلا لأستخدم مصطلحات فقهية واضحة في فتاويه. ولكنه كان محدثا يحفظ مئات بل الألوف من الأحاديث. ولما اشتهر أمره بعد المحنة انهال عليه العامة وقصدوه بأسألتهم فكان يجيب بطريقته الخاصة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا كان أحمد كما يقول أصحابه كان لا يفتي إلا اعتمادا على الأثر. لماذا وضع الحنابلة في حيرة عند ترجيح أقواله ومعرفة ما يقصد به من قوله: يعجبني ولا ينبغي، لماذا لا يرجع إلى الأثر لمعرفة حقيقة الأمر؟.
والواقع أن المطلع على سيرة هذا الرجل بتمعن وتأمل، يلاحظ أنه كان مجرد محدث يطلب العلم عبر حفظ الحديث ونشره وروايته. وأنه أقحم في محنة خلق إقحاما، وقد انفرجت هذه المحنة على اشتهاره، فوجد الخليفة