ظل الشيخ مسجونا في قلعة الجبل بمصر قرابة السنة والنصف، إلى أن أفرج عنه في ربيع الأول من (سنة 707 ه) لكنه لم يبرح أن أدخل سجن القضاة مرة ثانية، بدعوى إن في آرائه قلة أدب بساحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولما أفرج عنه في مستهل (سنة 708 ه) أخد للإقامة في مدينة الإسكندرية حيث وقعت بينه وبين طوائف من الصوفية مساجلات وفتن كثيرة.
عاد ابن تيمية إلى موطنه دمشق (سنة 712 ه) فاشتغل بالتدريس والإفتاء، وبقي على حاله من إصدار الفتاوى والآراء الجديدة المخالفة لما عليه المذاهب الأربعة، سواء في الأصول أو الفروع، فعقدت له مجالس أخرى للمناظرة حبس على أثرها بالقلعة خمسة أشهر ليطلق سراحه بعد ذلك.
وفي سنة) (726 ه) حدثت فتن كبيرة في دمشق بسبب فتواه بتحريم شد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء، فأمر السلطان بإدخاله القلعة. حيث تفرغ للتأليف والرد على خصومه ومراسلة أتباعه ومحبيه. مما جعل الفتنة غير قابلة للإخماد، حتى منع الورق والدواة وأخرجت كل كتبه من عنده.
وفي ليلة الاثنين (20 ذي القعدة من سنة 728 ه) لفظ الشيخ أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية آخر أنفاسه في قلعة دمشق عن عمر يناهز الثامنة والستين عاما. ودفن بمقابر الصوفية. يقول ابن كثير: وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة، مما ينفر منها طباع أهل الأديان فضلا عن أهل الإسلام (20).
* الفتاوى الجديدة لابن تيمية في الفقه:
لم تكن الفتوى الحموية أو القول بالجهة وما يتبع ذلك من التجسيم والتشبيه، الخلاف العقائدي الوحيد بين الشيخ ابن تيمية ومخالفيه من أهل