لم يجد فيها ما يخالف الواقع فزكاها وتقبلها بقبول حسن ووعد بإيصالها إلى المسؤولين. وهذا لا يعني أن ابن باز لا يعرف الوضع الحقيقي الذي تعيشه البلد قبل انفجار أزمة الخليج الثانية واستقدام الجنود الغربيين إلى المملكة.
ولكنه وحسب ما نقل عنه " يعلم بما تفعله الحكومة مما يخالف الدين، لكنه يعتقد أن مسؤوليته الراهنة هي الصمت تجاهها حتى لا يوفر لها الفرصة التي تبحث عنها لتحجيم قوة المتدينين (97).
لكن التيار السلفي المتنور وجدها فرصة مؤاتية للصراخ والتنديد وعرض المطالب، بدل الصمت، وبذلك انقسم السلفيون عامة إلى قسمين تتجاذبهم الانتقادات والصراعات، خصوصا لما علم بصدور المذكرة وتحركت الحكومة لاحتواء الموقف واستنجدت بأعضاء المؤسسة الدينية للرد على المذكرة وعلى أصحابها، وإذا كان ابن باز قد أرسل رسالة إلى الموقعين على المذكرة يؤيد ما يذهبون إليه. فإن الحكومة ستدفعه ومعه هيئة كبار العماء للرد على " مذكرة النصيحة "، وهذا لعمري مبلغ التهافت والخنوع وفقدان الاستقلالية لدى رجال يرفعون شعار التوحيد والعبودية لله وإن لا خضوع ولا طاعة إلا لله.
ومع ذلك يرمون بأنفسهم في هوة سحيقة لا قرار لها.
* تهافت المواقف السلفية:
لقد اجتمع مجلس هيئة كبار العلماء بالطائف في ربيع الأول سنة 1413 ه وأصدر بيانا يشجب فيه هذه المذكرة المرفوعة إلى " خادم الحرمين الشريفين ". يقول البيان: " وبعد تأمل مذكرة النصيحة ومناقشتها رأى المجلس إصدار هذا البيان الذي يستنكر به ما اشتملت عليه هذه المذكرة من الباطل وما هو خلاف الواقع وطريقة إعدادها ونشرها، وقد عمل معدوا هذه المذكرة.