البحوث السالفة حول قيام وظهور المذاهب وطريقة انتشارها، إما تصريحا أو تلميحا. أما المغريات التي عرضها هؤلاء الحشوية لتزيين صورة إمامهم ومذهبه المختلق له فهي كثرة الكذب حول شخصه. فقد بولغ في وصف ورعه وتقواه. وتناول العامة فضائله ومزاياه، وأضافوا لها من الخرافات والأساطير الشئ الكثير.
ونحن هنا لا نستهين بشخصه ولا ننتقصه. فالله سبحانه وتعالى أعلم وأخبر بورعه وتقواه، ولا يستطيع أحد منا أن يقول فلان أتقى وأورع من الآخر انطلاقا من بعض المظاهر والسلوكيات العملية، فنحن لا نعلم إلا ظاهرا من الحياة الدنيا وهو سبحانه أعلم بسرائر خلقه ومكانتهم عنده. أقول إن الحشوية بالغوا حقا في وصف هذا الإمام، ويظهر ذلك مما رووه في فضائله. وكان غرضهم إبرازه وجعله متميزا في الساحة العلمية والعملية، حتى يتسنى لهم اعتماده كإمام، فينضوون تحت لوائه. وإلا فقد رأينا أقوال العلماء فيه ووصفهم إياه، وأنه كان من جملة المحدثين، حافظا معتدل الحفظ. وإذا كان غيره قد حكمت الظروف التاريخية عليهم بالخمول فقد ابتلى هو بالشهرة، وكان كارها لها غير راغب فيها. قال الخلال: أخبرنا المروذي: سمعت أبا عبد الله، يقول الخوف منعني أكل الطعام والشراب، فما أشتهيه وما أبالي أن لا يراني أحد ولا أراه، وإني لأشتهي أن أرى عبد الوهاب. قل لعبد الوهاب أخمل ذكرك. فإني قد بليت بالشهرة (100).
* الرؤى والمنامات للدعوة إلى تقليد المذهب الحنبلي:
لقد بدأت حركت الوضع عن أحمد بعد وفاته مواكبة أولا، انتصار