عن غزوات البدو الذين تكلمنا عنهم ووصف المؤرخون حالتهم. بفارق واحد فقط هو إعطاء هذا الغزو والنهب صفة الجهاد في سبيل الله. أي إعطاؤه المشروعية الدينية، هذه المشروعية التي تدعمه وتقويه وتضمن استمراره.
فما كان لأهل الدرعية وأتباع الشيخ ابن عبد الوهاب مثلا أن يستمروا في غزواتهم الكثيرة لولا الخلفية الدينية الشرعية التي كان الشيخ يمدهم بها. فما يقومون به ليس غزوا بدويا ظالما، وإنما هو الجهاد في سبيل الله. لذلك أطلق الشيخ على أتباعه اسم " المسلمين " أو " الموحدين "، ووصف باقي القبائل وأعراب البادية بأنهم كفار ومشركون حلالوا الدم والمال. وقد أوهم الشيخ أتباعه بأنه يشبه الرسول (ص)، فقد بعثه الله لقوم يعبدون الأصنام والجن والملائكة ويتخذونهم شفعاء وآلهة. فدعاهم إلى التوحيد أولا، ثم لما تمكن من محاربتهم وهدم أصنامهم جهز الجيوش بمن معه من المؤمنين والمهاجرين وسلطهم على المشركين في غزوات متتالية. فقتل رجالهم وسبى نساءهم وذراريهم وامتلك أموالهم. ووزعها على المحاربين المسلمين.
وهذا بالفعل ما قام به الشيخ وأقنع أتباعه بصحة المقارنة فانطلقت الفتوحات الإسلامية من جديد ليس من المدينة المنورة هذه المرة ولكن من الدرعية في بلاد نجد مسيلمة الكذاب.
لكن واقع هذه الغزوات وكما صوره لنا مؤرخو الوهابية أنفسهم، لا يترك مجالا للمقارنة بين غزوات الرسول (ص) وبين غزوات الشيخ الحنبلي وأتباعه من أعراب نجد. نرجع لاستنطاق النصوص لمعرفة حقيقة هذا الادعاء.
* حقيقة الجهاد الوهابي:
ونبدأ أولا ببعض الوقائع الحربية في فجر الدعوة لنعرف حقيقة هذا الجهاد في سبيل الله وهل يمكن مقارنته بجهاد الرسول وصحابته في فجر الإسلام!؟.
يقول ابن بشر: سار عبد العزيز غازيا بالمسلمين وقصد ناحية الجنوب فأغار