وإذا أضفنا إلى ذلك تراث حشوية الحنابلة بكل ما تضمنه من ذكروا تفسير للصفات الخبرية سواء ما جاء في القرآن أم ذكرته الأحاديث، فإن المحصلة النهائية لدى الطرفين لا تعدو أن تكون الإيمان والإقرار بأن جميع الصفات الخبرية يجب أن تفهم حرفيا وأن نعتمد ظهورها التصوري الابتدائي، دون الالتجاء إلى محاولة التأويل، أو البحث عن معاني مجازية أو كنائية قد تكون مشروعة لغة ومستعملة في الخطاب العربي عامة والقرآني على وجه الخصوص.
* آراء الفرق الإسلامية في الصفات الخبرية:
والذي يراجع مواقف الفرق الإسلامية بخصوص أخبار الصفات يجدها كما قال ابن الجوزي الحنبلي على ثلاث مراتب:
أحدها: إمرارها على ما جاءت، من غير تفسير ولا تأويل، إلا أن تقع ضرورة، كقوله تعالى: * (وجاء ربك) * أي جاء أمره، وهذا مذهب " السلف ".
والثانية: التأويل وهو مقام خطر. إلا ما كان على نحو المثال المتقدم، وإنما تكمن خطورة التأويل في الافراط فيه إلى حد التعطيل.
أما الثالثة: القول فيه بمقتضى الحس (أي إجراء المعنى بحسب الظاهر)، وقد عم جهلة الناقلين، إذ ليس لهم حظ من علوم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى، وما يستحيل، فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه، فإذا عدموها تصرفوا في النقل بمقتضى الحس " (4).
أما قول ابن الجوزي بالنسبة لمن كان يؤمن بإجرائها دون تفسير أو تأويل إلا اضطرارا: " وهذا مذهب السلف " فالمقصود به مجموعة من رجالات السلف وليس كلهم، لوجود من ذهب إلى تأويل، - وإن علم عن أكثرهم