* تطور مفهوم أهل السنة:
لكن مصطلح " أهل السنة " سيعرف تطورا في المفهوم، حيث ستتعدد مصاديقه. فأهل السنة أو أصحاب الحديث والأثر سيقابلهم أهل الرأي.
وعندما ظهرت المدارس اللغوية والفقهية والكلامية فيما بعد انقسمت إلى اتجاهين اثنين، (الرأي والقياس، وأصحاب الحديث والأثر). تيار يعتبر الرأي والقياس ويعتمده فيما يصل إليه من نتائج، وتيار يقدم الحديث أو النص ولا يتركه إلى غيره. وظهر عند كلا التيارين إفراط وتفريط. لقد أطلق مصطلح " أهل السنة " قبل ظهور الأشعري على جميع المحدثين ولم يكن يعني لدى أصحابه والملقبين به، سوى أنهم أصحاب الحديث النبوي، رواته وجامعوه والمدافعون عنه والعاملين بمضمونه. كما اختص جماعة آخرون بهذا اللقب كعبد الله بن سعيد الكلاب وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن القلانسي والحارث بن أسد المحاسبي. وذلك لقيامهم بالرد على عقائد المعتزلة وتفنيد آرائهم. وقد كون هؤلاء الثلاثة وبالخصوص ابن كلاب مدرسة فكرية في العقائد، سيكون لها أبلغ الأثر في مدرسة الأشعري الكلامية والتي سترث عنها لقب " أهل السنة ".
كما سيعرف هذا اللقب مفهوما اصطلاحيا جديدا لا يحيد عنه ابتداء من القرن الرابع الهجري وإلى الآن. يقول أحمد أمين: سمي الأشعري وأتباعه والماتريدي وأتباعه ب " أهل السنة " وقد استعملت كلمة " أهل " بدل النسبة فقالوا: أهل السنة أي السنيين... وسمي المعتزلة أنفسهم أهل العدل والتوحيد، وسمي المبتدعة أهل الأهواء...
والسنة في " أهل السنة " تحتمل أحد معنيين: إما أن تكون السنة بمعنى الطريقة أي أن أهل السنة اتبعوا طريقة الصحابة والتابعين في تسليمهم بالمتشابهات من غير خوض دقيق في معانيها. بل تركوا علمها إلى الله، وإما أن تكون السنة بمعنى الحديث. أي أنهم يؤمنون بصحيح الحديث ويقرونه من