كان قد اعتبر خلافة أبا بكر فلتة وقى الله المؤمنين شرها. إلى ذلك من الأخبار والحكايات التي تطعن في أي إجماع مدعى. وعندما يتكلم عن حادثة مقتل عثمان، يكتب عن مظلومية هذا الخليفة الذي كانت الملائكة تستحي منه.
وأن مجموعة من شداد الآفاق هجموا عليه في منزله وقتلوه ظلما وعدوانا.
وعليه يتم اختصار أحداث التاريخ بشكل عجيب. ولا يعرف القارئ سوى أن الخليفة الثالث قد قتل مظلوما. أما أنه كان ظالما وأنه خص قرابته بالولايات المهمة. ووزع عليهم أموال المسلمين، وما نشأ عن ذلك من ظلم للرعية. وغير ذلك من المظالم الكثيرة التي سجلها التاريخ. وسجل كذلك ردة الفعل الاجتماعية على هذا الظلم. فقد شارك في قتل عثمان بعض الصحابة وأبنائهم، وأم المؤمنين عائشة كانت تنادي اقتلوا نعثلا فقد كفر. وقد شارك محمد بن أبي بكر الصديق في قتله وإن لم يكن قد باشر ذلك أمر به وغير ذلك من الأحداث المؤلمة؟!.
* عالم تتقاسمه الخرافة والمثل:
والغريب في هذه الكتابات، أنها تكتب تاريخا رائعا من الإجماعات والتسالم والتكامل والتعاضد بين جميع أفراد المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول (ص). كما وتتكلم عن أغلب من أطلق عليهم " صحابة " وكأنهم ملائكة لم ولن يخطئوا. فلم يصدر عنهم إلا الخير والصلاح. مما يجعل القارئ ترتسم في ذهنه صور مثالية عن هؤلاء الرجال وعن حقبتهم وتاريخهم، صور ملائكية هي أقرب إلى عالم الخرافة من عالم الحقيقة والواقع.
وكأن هؤلاء الكتاب يكتبون عن عالم يحلمون به، عالم خال من الشرور والأهواء والمصالح الشخصية. ولكن المشكلة هنا ليس في الحلم أو الرغبة في عالم مثالي ملائكي يسود فيه الحق والخير. ولكن عندما نتكلم عن هذا الحلم أو المثال على أنه وجد على الأرض وتمثل في نماذج الصحابة ومجتمعهم،