وهذا الأسلوب في الدعوة هو الذي يفسر سبب انحصار المذهب الحنبلي في التقليد واقتصاره على مناطق محدودة مثل بغداد ونجد ودمشق. ويمكن أن يلاحظ بوضوح أن ساكنة هذه المناطق وخصوصا بلاد نجد عرف عنهم الجلافة والغلظة والخشونة، رسختها وزادت في حدتها الطبيعية الصحراوية القاسية.
وإذا رجعنا إلى دعاة السلفية " حشوية الحنابلة " اليوم فسنجد أن هذه الصفات الشاذة تلازمهم الظل للجسد. وأنها من أهم ما ورثته طبيعتهم عن المذهب والتراث الحنبلي. وبالخصوص ما اكتسبوه من سلوكيات زعيمهم الأول وصاحب نحلتهم " الشيخ ابن تيمية "، الذي أجمع المؤرخون بأنه كان حاد المزاج خشنا في تعامله مع خصومه. لدرجة اتهام مخالفيه بما ليس فيهم بل الكذب عليهم وتحريف أقوالهم، وتزوير كلامهم ومعتقداتهم.
وقد عزى بعض الباحثين عند ذكره هذه الحدة إلى عزوف الشيخ عن الزواج طوال حياته. ونضيف نحن إلى ذلك، تأثير الطبيعة على نفسية الشيخ فهو من مواليد مدينة حران التي وصفها ابن جبير بأنها بلد " قد نبذ بالعراء، ووضع في وسط الصحراء، فعدم رونق الحضارة، وتعرت أعطافه من ملابس النضارة ".
وعليه فحياة الشيخ ابن تيمية وسلوكه يمكن أن تنضاف كعامل من العوامل التي أنتجت ظاهرة الخشونة والجفاء لدي السلفية المعاصرين. فالتقليد لا يشمل فقد الأفكار وأنما يتجاوزه إلى التأثر بالسلوكيات والأفعال.
* أسلوب الدعوة السلفية اليوم:
أما إذا ذهبنا نستقص عن حال الرجل الذي أحيى الفكر السلفي في الأزمنة الحديثة ووضعه محل التطبيق. ونشر ما اندرس منه وبعث رفاته، لنعرف كيف كان يدعو الناس إلى أفكاره ومذهبه، فإننا لسنا في حاجة