حيث كاد أن يندرس. فنفخ فيه من روحه وتولاه بعنايته.
وإذا كان مجمل ذلك التراث الحشوي يفتقر إلى العقلانية فإن ما سيقوم به ابن تيمية ليس إلا محاولة لعقلنته ووضعه في إطار يمكن أن يجادل به عنه لإثبات شرعيته أولا، وتزويده بمنهج ينهض به ثانيا.
فكانت المحاولة وجاءت النتائج مخيبة للآمال، غارقة في الضبابية والغموض. لم يستطع فهمها أو استيعابها أتباع الرجل فضلا عن خصومه.
ولم يشفع لتلك الآراء التي صدرت عنه هذه المحاولة - محاولة العقلنة - نسبتها إلى السلف الصالح صدقا أو كذبا، كما لم يعضدها حسم الرجل وجرأته على الفعل وادعاؤه " إجماع السلف " أو " مذهب الجمهور "، وقول " الأئمة قاطبة " أضف إلى ذلك ترسانته الإرهابية، من تكفير وتضليل وتبديع لمن رام مخالفته أورد عليه بحجة شرعية أو عقلية.
* ابن تيمية وإثبات الجهة:
جاءت الفتوى الحموية التي امتحن بسببها ابن تيمية ونوظر وسجن، بمثابة إعلان من اعتقاد الرجل الصريح والواضح بالجهة. وذلك بإثبات أن الله جل وعلى في جهة من الجهات. وهي جهة العلو. وهو معتقد الحشوية قبله، وقد ألف الذهبي كتاب العلو للعلي الغفار وأورد جملة من الأحاديث تنتصر لهذا المعتقد. يقول ابن تيمية في جواب أهل حماة. المسمى " بالعقيدة الحموية ".
" فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره. وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شئ وعلى كل شئ، وإنه فوق السماء، مثل قوله تعالى. * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) *، * (إني متوفيك ورافعك إلي) *... * (ثم استوى على العرش) * في ستة مواضع * (الرحمان على العرش استوى) *...