وفعلا استمر القتل فيهم والتشريد، لكن أحدا منهم لم يترك مذهبه لينتقل إلى الحنبلية، أصحاب السلطان. كما سيفعل فقهاء الحنابلة الذين انتقلوا زرافات إلى مذاهب أهل السنة بعد ما تغير السلطان وتغير معه الزمان (29).
* انتصار الفاطميين ومحنة الشيعة في بغداد:
لقد كانت هذه الفترة بالذات عصيبة على شيعة بغداد، كما تعرض أهل السنة المضايقات لكن سرعان ما انفرج عنهم، فأصبح لهم السلطان، وكالوا الحنابلة بنفس المكيال. وقبل أن نعرض لبعض الأمثلة على ذلك، لا بد أن نشير إلى حقيقة تاريخية مهمة. وهي أن دعم الحشوية وتسليطهم على شيعة بغداد، والطلب من بعض رجالات أهل السنة أن يؤلفوا الكتب في نقض مذاهب الشيعة وخصوصا عقيدة الإمامة، كان سببه الرئيسي الدولة الفاطمية التي امتدت من مصر لتبسط سلطتها على مناطق الشام، وبالتالي بدأ خطرها يطرق أبواب الخلافة العباسية في بغداد، هذه الخلافة التي لم يبق منها إلا الرسم على عهد البويهيين.
لذلك كانت الخلافة تحس وتشعر بأن شيعة بغداد رغم أنهم إمامية ويختلفون مع الفاطميين الإسماعيلية في مجمل الأصول والفروع. لكن شعورا ما بالتعاطف قد يكون موجودا لدى العامة منهم، لذلك جاء إطلاق عوام الحشوية عليهم، لقتلهم ونهب أموالهم، بمثابة رد احترازي مبدئي عن أي