وأخيرا لقد حاولنا في هذه العجالة تسليط الضوء على حياة وسيرة هذا الرجل الذي شغل معاصريه من الفقهاء والعلماء كما شغل السلطة السياسية، وذلك لما كانت تخلق فتاواه وآراؤه من فتن وصراعات يتورط فيها العوام أغلب الأحيان، فيحدثون الشغب والقلاقل.
كما أن أفكاره التي تم إحياؤها على يد تلميذه النجدي وقامت عليها دولة في شبه الجزيرة العربية اليوم، قد جعلت التاريخ يعيد نفسه في بعض الفصول.
فقد انتشرت آراء الشيخ الحنبلي في أرجاء واسعة من العالم الإسلامي بفضل الطباعة والنشر والدعم المالي الكبير، والحرص الشديد لأتباعه على إيصال كتبه وآرائه إلى الأوساط المتلقية في العالم الإسلامي.
فانتشرت الفتن وعمت البلوى، وتجند علماء أهل السنة بادئ الأمر للرد على الشيخ وأتباعه. وبعث كل ما قيل حول آرائه من نقض وردود. بالإضافة إلى تأليفات جديدة. لكن الانحصار أصاب هذه الحركة، ليس فقط بسبب طوفان الكتب التي تنشر هذا المذهب وتدعو له، والتي أغرقت سوق الكتاب الإسلامي، حيث يطبع قسم كبير منها طباعة فاخرة ويوزع بالمجان وخصوصا " مجموع فتاوى الشيخ ". ولكن بسبب الإرهاب الفكري الذي يمارسه القائمون على هذه الدعوة - السلفية - وذلك برمي خصومهم بالابتداع والضلال والكفر، ومحاولة تشويه سمعتهم لدى أبناء الصحوة الإسلامية الذين انجر كثير منهم لاعتناق هذه الأفكار ظنا منه أنه يتبع السلف الصالح وأنه يبتعد بذلك عن الانحراف والشرك.