يبني له صرحا من المؤسسات والدعاة الذين يبشرون بآرائه عبر العالم.
وإذن ففكرة رفض هذه المذاهب لكونها من صنع السياسة منتقض على نفسه لأن المذهب السلفي أشد التصاقا بالمصالح السياسية للدولة السعودية.
* المذاهب الفقهية بدعة:
أما كون هذه المذاهب حدثت بعد القرون الثلاثة وهي بذلك مبتدعة، فهذا لا يصح، ويعبر عن جهل بالتاريخ الإسلامي. يقول الدكتور إبراهيم حسن: "... إن العصر العباسي الأول كان عصر أئمة مذاهب السنة الأربعة وهي مذهب أبي حنيفة. ومذهب مالك. ومذهب الشافعي، ومذهب ابن حنبل. وقد ظهر في العصر العباسي الثاني بعض أعلام الفقهاء الذين كونوا لهم مذاهب في الفقه، ولكن لم يقدر لها الاستقرار والذيوع أمام المذاهب الأربعة (90).
ويكفي أن نعرف أن الإمام أحمد بن حنبل وهو آخر الأئمة الأربعة توفي (سنة 241 ه) أي قبل أن ينتصف القرن الثالث. أما مالك فتوفي (سنة 179 ه). إذن فقد عاش هؤلاء الأئمة ضمن القرون الثالث التي وصفها الحديث المعتمد لدى السلفية، بالخيرية. وقد انتشرت خلال هذه القرون وعرفت لها أتباعا ومقلدين. ويكفي أن يعلم أن قاضي القضاة في عهد هارون الرشيد كان أبو يوسف صاحب أبي حنيفة وناشر مذهبه. ولن نستمر في صرد المعلومات التاريخية التي قد يعرفها طالب المرحلة الثانوية إن لم نقل قبل، فما بال علماء السلفية يجهلون أو يتجاهلون هذه الحقائق (91).