المذهب وجمع فتاوى صاحبه من أفواه الناس، بعد وفاة أحمد بفترة. ولكن المذهب احتاج لمدة أطول بكثير حتى تثبتت أركانه وهذبت فروعه ورتبت أبوابه، وجد الدعاة إليه في وضعه ضمن صف المذاهب الفقهية الأخرى لتقليد العامة، لذلك عندما ألف الطبري كتابه " اختلاف الفقهاء " ذكر فيه اختلاف مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأبي حنيفة مع أبي يوسف ومحمد ابن الحسن ثم أبي ثور، وذكر بعض فقهاء الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى أبناء المائة الثانية. ولم يذكر أحمد بن حنبل، فقصده الحنابلة وسألوه في ذلك فقال: لم يكن أحمد فقيها، إنما كان محدثا، فأساء ذلك الحنابلة (74).
ولما لم يعجبهم قوله هذا فقد وثبوا عليه ورموه بمحاربهم، ثم قذفوا داره بالحجارة إلى أن تدخلت الشرطة واضطر الرجل حفاظا على نفسه أن يعتذر لهم. وعندما مات الطبري منع الاحتفال به ودفن في داره ليلا (75). والطبري