وبالتالي فالملابسات أصبحت واضحة. حركة الإخوان انطلقت بعيدة عن الملك عبد العزيز الذي كان منشغلا بتوسيع رقعة ملكه بعد ما سيطر على الرياض.
ولما دخل الأحساء وهي منطقة غنية وكبيرة أصبح يملك القوة والسيادة التي تجعله يراقب كل حركة داخل نجد أو خارجها، ولم يكن من مصلحته أن يهمل حركة دينية قوية بدأت في الانتشار وتحمل العقيدة الوهابية، وهو يعرف حق المعرفة ماذا تعني حركة وهابية. إذ لو برز فيها قائد يستطيع تجميع أفرادها حوله فسيعني ذلك بداية الجهاد والفتوحات. لذلك كان عبد العزيز ذكيا عندما حاول التقرب إلى شيوخ هذه الحركة واستمالتهم ومن ثم احتواء الحركة ككل، التي تحولت إلى قوة عسكرية ضاربة سيرجع لها الفضل في ما حققه الملك عبد العزيز من توسع واسترجاع لما ضاع من ملك الأجداد، وصولا إلى استرجاع الحجاز والحرمين الشريفين.
في هذه الأثناء يمكن أن نتكلم عن وفاق شبه تام بين الحركة الوهابية الجديدة وبين الدولة السعودية الثالثة. أما الاختلاف التي كانت تقع بينه وبينهم فلم تكن تعدو ملاحظات قاسية على شكل الإمام الجديد ولباسه وبعض تصرفاته أو ليونة التزامه بتعاليم الدين واجتهادات الوهابية. لكن هذه الاعتراضات كانت تشكل ضغطا نفسيا دائما للملك ولأفراد أسرته ولضيوفه خصوصا مبعوثي بريطانيا العظمى والذين كان الوهابيون يجهلون سبب قدومهم وبقائهم في بلاد عبد العزيز.
* إرهاصات الاختلاف:
كان الخلاف حول هؤلاء الأجانب وعلاقة الملك ببريطانيا من أهم أسباب الخلاف الذي بدأ يظهر بين الملك وشيوخ الوهابية، فهؤلاء لم يكونوا يطيقون بقاء الكفار بين ظهرانيهم ولا يجيزون التعامل معهم. وعندما شارك شكسبير القائد العسكري البريطاني في إحدى حروب الإخوان الجهادية وكان قد