إلى عقول العامة والخاصة. فما دامت الغاية تبرر الوسيلة فلا بأس من سلوك هذه الطرق الملتوية وركوب هذه المطايا المضللة. لكن الأسلوب الأخطر، الذي نجم عنه تحريف واسع النطاق، وتغييب الكثير من الحقائق لم يكن في حذف الأحاديث عند الطباعة، أو الاختصار فقط.
* إعادة كتابة التاريخ:
ولكن موجة التأليف والكتابة في المواضيع الإسلامية العامة. التي لجأت لإعادة كتابة التاريخ بطريقة انتقائية. يحرص فيها المؤلف على ذكر ما اتفق عليه سلفا من خصائص المذهب وميوله السياسية وآرائه العقائدية. لقد كان المؤرخ القديم موسوعيا يضم في تأليفه كل الآراء تقريبا. فيجمع مجمل الأحاديث والأقوال المختلفة في الحادثة الواحدة. وفي الغالب الأعم لا يقوم بالترجيح أو التحقيق إلا نادرا. وكذا كان المنهج في موسوعات الحديث النبوي. لكن الكتابات الحالية التي تغزو الأسواق، شديدة الانتقاء والتنقية من الشوائب الغير مرغوب فيها. وصولا إلى تحريف الحقائق، والإيهام الذي يجعل القارئ يستنتج بعض الأفكار والآراء بخلاف ما هي عليه في الواقع.
فلو تعرض بعضهم للحديث عن الخلافة مثلا وكيف تمت البيعة لأبي بكر الصديق. سيكتب بأن المسلمين بعد وفاة رسول الله اجتمعوا قاطبة وبايعوا أبا بكر رضي الله عنه قائلين: لقد ارتضاه الله لديننا فكيف لا نرضاه لدنيانا، وكان الرسول (ص) قد قدمه للصلاة أثناء مرضه. ثم يمر مرور الكرام على هذه الحادثة، بعد ما يكون قد أغرق في المدح وبيان فضائل الرجال. لدرجة تحسبه يتكلم عن الملائكة المعصومين وليس عن البشر الخطائين.
أما إذا ما رجعت إلى مصادر التاريخ لتطلع على أحداث انتقال الخلافة إلى أبي بكر الصديق فستجد خلافا شديدا بين الصحابة وتناحرا ومؤامرات شخصية وجماعية أودت بقتل بعض الصحابة. وإن عمر بن الخطاب مثلا