الطرق الصوفية، فقد استند جورج مقدسي إلى سلسلة شيوخ ابن تيمية التي تبدأ بموفق الدين بن قدامة تلميذ عبد القادر المباشر وخريج المدرسة القادرية في بغداد (50)، ليثبت أن ابن تيمية كان قادريا، ومما يعضده ويدعم رأيه ما يوجد في كتابات ابن تيمية من تعظيم وإجلال للشيخ عبد القادر. وهو من أعمدة التصوف والصوفية، وذكره لأقواله واعترافه بكراماته والإيمان بها على اعتبار أن أخبارها وصلتنا متواترة كما يدعي الشيخ. بالإضافة إلى ذكره بعض أقطاب التصوف والاستشهاد بأقوالهم وسيرهم.
لكن الباحث في كلامه بشكل عام سيجد إلى جانب ذلك قدحه في الغزالي وابن الفارض، وتعرضه لابن عربي بالسب والتضليل والتبديع بل إلى درجة اتهامه بالكفر الصريح. كما تهجم على كثير من رجالات الصوفية وذم طريقتهم ووصفها بالابتداع في الدين، وأن الكثير مما درج عليه هؤلاء - أي الصوفية - من ذكر وحلقات وطرق مخصوصة في الدعاء والعبادة ليس له أصل في الشرع - أي القرآن والسنة -.
* رأيان متناقضان:
وهذا الادعاء هو الذي أثار عليه زعماء هذا الطريق ودارت بينهم مساجلات ومخاصمات كثيرة، وإذا حاولنا تلخيص رأيه من خلال كتاباته التي بين أيدينا فسنصل إلى رأيين مختلفين ومتناقضين بل ربما وصلنا إلى آراء متعددة وغير واضحة تماما. فهو كما يرى عبد الحفيظ المكي قد تعامل بنفس الأسلوب الذي تعامل به مع الفقهاء والمذاهب الفقهية وعلماء الكلام، إذ يرى أن شيوخ التصوف الأوائل قيدوا علومهم وتربيتهم بالكتاب والسنة. أما المتأخرون فقد ضل كثير منهم بتأثير الأفلاطونية الجديدة التي تسربت إلى الفكر الإسلامي عامة خلال ترجمة العلوم اليونانية وانحرفوا بعيدا عن الطريق