بذلك فصل بين التيارين، ووضع حدا بين الطريقتين. وهو ليس أول حنبلي يكفر " أهل السنة " الأشاعرة، بل سبقه إلى ذلك كثير من مشايخ الحشوية الحنبلية.
لقد احتدم الصراع المذهبي بين حشوية السلفية والأشاعرة " أهل السنة " وسالت من جراء ذلك دماء غزيرة. كان الحنابلة باعتراف المؤرخين هم السباقون لسفكها. يثيرون القلائل والفتن لأتفه الأسباب، ثم يتعقبون أهل السنة في الطرقات ويقتلونهم ويحرقون منازل علمائهم، وقد سطر التاريخ هذه الأحداث كشهادات واقعية على مدى الاختلاف بين هذين الفرقتين ومدى بعد بعضهما على البعض. لحد سفك الدماء والتقاتل وإعلان التكفير المتبادل. إن مفهوم " أهل السنة " كما ثبت تاريخيا وعليه المحققون المعاصرون يطلق ويقصد به " المدرسة الكلامية للأشعري والماتريدي " ومن تبعها وارتضى ما توصلت إليه من عقائد وأفكار. أما " السلفية " فهم بالتحديد أتباع ابن تيمية وتلميذيه ابن قيم الجوزية ومحمد بن عبد الوهاب النجدي. والجامع بين هؤلاء هو انتسابهم وصدورهم عن المذهب الحنبلي. أما الصفة أو النعت الذي عرفوا به تاريخيا فهو: " الحشوية الحنبلية ". للتمييز بينهم وبين غيرهم ممن ينتسب لهذا المذهب دون أن يعتقد بما تذهب إليه هذه الفرقة الموسومة بالحشوية.
* أهل السنة: مفهوم فضفاض وواسع:
طبعا تبقى هناك إشكالات أخرى يطرحها مفهوم " أهل السنة ": منها إضافة لفظ " الجماعة " فيقال " أهل السنة والجماعة "، ولفظ " الجماعة " هذا ظهر عندما اغتصب معاوية بن أبي سفيان الخلافة من الحسن بن علي وتصالح مع الإمام الحسن بشروط، وقد سميت تلك السنة ب " عام الجماعة ". وقد يقصد به مفهوم الأغلبية التابعة أو المقلدة وجماهير الناس بشكل عام. والمعنى الأول يضفي على مصطلح " أهل السنة والجماعة " بعدا سياسيا، وقد نجد لذلك