تعاريف متناقضة:
فقد جاء في تعريف الدكتور السلفي المعاصر علي عبد الحليم محمود حول مذهب السلف قوله: " ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم " وقد قلنا سابقا بأن الصحابة انقسموا في مسألة الخلافة إلى علويين " شيعة يؤمنون بالنص والتعيين النبوي المباشر لعلي بن أبي طالب، وآخرون انتصروا لأبي بكر وعمر وعثمان وآمنوا بشرعية خلافتهم، وغيرهم رام الحياد. وإن تطور هذا التيار فيما بعد ليصبح ما عرف بالعثمانية. وهذا الخلاف ليس بالهين لأن السيف قد جرد فيه. وتبادل الفريقين التكفير والتضليل، فمن تبع الفريقين إذن، يكون متبعا للسلف غير منحرف عن نهجهم. أما أعيان التابعين فقد ذهبوا مذاهب شتى متنافرة ومتناحرة، وكتب تاريخ الفرق تدل بوضوح على ذلك. فليس صاحب نحلة أو مذهب في الدين أو السياسة، إلا ويرجع أصل مقولته لهؤلاء السلف من الصحابة والتابعين.
أنظر ما يقوله ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة عن الإمام علي عليه السلام: " ما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة... فإن المعتزلة - الذين هم أهل التوحيد والعدل وأرباب النظر، ومنهم تعلم الناس هذا الفن - تلامذته وأصحابه... وأما الأشعرية فينتهون بأخرة إلى أستاذ المعتزلة ومعلمهم، وهو علي بن أبي طالب... وأما الإمامية والزيدية فانتماؤهم إليه ظاهر... ومن العلوم علم الفقه، وهو عليه السلام أصله وأساسه. وكل فقيه في الإسلام فهو عيال عليه ومستفيد من فقهه، " وأبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل " هؤلاء الفقهاء الأربعة. وأما فقه الشيعة فرجوعه إليه ظاهر... ومن العلوم علم تفسير القرآن، وعنه أخذ... ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوف، وقد عرفت أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون، وقد صرح بذلك الشبلي والجنيد وسري، وأبو يزيد البسطامي، وأبو محفوظ