ولن تكون الساحة حكرا آنذاك على رأي مخصوص لمجتهد واحد. كما أن الادعاء بأن الحق المطلق والمحض هو إلى جانب مجتهد دون آخر تصبح دعوى تحتاج إلى الكثير من الأدلة. وطبعا هذا لن يكون في صالح الدعوة السلفية.
ولو علم أبناء الصحوة الإسلامية في أنحاء العالم أن سلفيتهم لا تتجاوز تقليد المذهب الحنبلي في الفروع والأصول. وإنهم آخر المطاف يشكلون شريحة من أتباع فقيه حنبلي عاش في القرن السابع ليس إلا. فمن المؤكد أن موجة الدعوة السلفية ستعرف انحصارا كبيرا وتقهقرا عظيما، لأن أحدا عند ذاك لن يستطيع أن يثبت بأن ابن تيمية كان أعلم وأفهم للإسلام من أبو الحسن الأشعري. هذا الرجل الذي ولد ومات في الزمن السلفي حقا. وكذا لن تجد من يجرؤ على مقارنة هذين الرجلين بجعفر بن محمد الصادق الإمام السلفي الكبير الذي كان يقول: " عن أبي عن جدي.. عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ويدرج الحديث. وقد شهد له الأعداء قبل الخصوم بالأعلمية والتفوق. وغير ذلك من الحقائق التي يحاول ضباب الدعوة السلفية أن يحجبها عن عيون أبناء الصحوة الإسلامية.
* يقول العلم، ويرى السلف؟!:
وقبل أن أنتقل إلى مناقشة وإيراد أسلوب آخر من أساليب هذه الفئة في تحريف تراث المسلمين. تحضرني قصة ترجع إلى زمن بعيد. كنت يومها طالبا في الثانوية العامة وكان مدرس مادة الفلسفة ماركسيا، ولما كان المنهج يتضمن دراسة الفلسفة الماركسية فقد وجد هذا الأستاذ الفرصة لنشر أفكاره والدعوة إليها، وقد كنت إلى جانب بعض الطلبة نتصدى له أثناء النقاش ونرد على أفكاره ونفندها. لذلك كان هذا الأستاذ يجد صعوبة بالغة في إيصال ما يريد إيصاله إلى باقي الطلبة، من مدح للأفكار الماركسية. لذلك فقد غير أسلوبه في العرض والمناقشة. وعندما بدأ يشرح " المادية الجدلية " ليثبت مبدأ