منفيان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو. فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم! لأن الضلالة لا توافق الهدى، وإن اجتمعا. فاجتمع القوم على الفرقة، وافترقوا على الجماعة كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، فلم يبق عندهم منه إلا اسمه، ولا يعرفون إلا خطه وزبره. ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثله، وسموا صدقهم على الله فرية، وجعلوا في الحسنة عقوبة السيئة.. " (9).
* ظلم بني أمية وعدل بني العباس؟!:
وبهذا الكلام يكون الإمام علي عليه السلام قد وصف عصر بني أمية بشكل مجمل وواقعي " فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيان "؟!. لقد قتل معاوية الإمام الحسن، وقتل ابنه يزيد الإمام حسين في واقعة كربلاء. واستمر القتل في الشيعة وأئمتهم الواحد بعد الآخر، حتى قال قائلهم " إن القتل أصبح لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة "، وقولهم " ما منا إلا مقتول أو مسموم ".
وهكذا كان الحكم الأموي وبالا على الإسلام والشيعة، واكتوى بناره غيرهم، ففي وقعة الحرة بالمدينة المنورة قتل الآلاف من التابعين، وهتكت أعراض نساء المسلمين، لأنهم رفضوا بيعة يزيد، فكان جزاؤهم ما هو مسطور في كتب التاريخ.
استمر السيف يحصد رقاب الشيعة طوال الحكم الأموي. وإن كانوا قد تنفسوا الصعداء مع بداية الحكم العباسي، إلا أن هذه الهدنة لم تدم طويلا، فالحكم العباسي الذي قام على تضحيات الشيعة ومعاناتهم، ورفع شعار " الحكم للرضا من آل محمد " سيتنكر للعلويين. لأن بني العباس قرروا الاستئثار بالملك والخلافة دونهم، وبدأت حرب الاستئصال من جديد، عمقتها الثورات الكثيرة التي تزعمها ثوار الشيعة من العلويين. الذين أصبحوا